العربي الجديد-
قالت مصادر دبلوماسية رسمية مصرية إن هناك حالة ارتباك في الأوساط الدبلوماسية والأمنية المسؤولة عن إدارة الملف الليبي في ظل التطورات المتسارعة في البلد.
وبحسب أحد المصادر، الذي تحدث لـ”العربي الجديد”، فإن “الأزمة الأخيرة كشفت عدم صحة التقديرات المصرية بشأن التعامل مع الملف الليبي”.
وبرأيه فإن “الرهانات المصرية أخيراً كانت خاطئة بشكل كبير، والأطراف التي راهنت مصر عليها، واستثمرت فيها طوال الفترة السابقة، لم تكن على قدر التوقعات”.
وترى دوائر مصرية سياسية، ودبلوماسية، متعددة، أن الأحداث الأخيرة في ليبيا (الاحتجاجات) تعدّ مؤشراً على قدر من عدم الارتياح لدى الليبيين. وتعتبر مصر، على لسان وزير خارجيتها سامح شكري، أن هناك شرعية قائمة في ليبيا ممثلة في مجلسي النواب والرئاسة، مؤكدة ضرورة احترام هذه الشرعية وتجاوز الخلافات والسير قدماً نحو الانتخابات.
لقاء بين وفد مخابراتي مصري وحفتر
وكشف مصدر مصري خاص مقرب من اللجنة الوطنية المعنية بإدارة الملف الليبي، أن “وفداً من جهاز المخابرات العامة المصري زار أخيراً قائد قوات شرق ليبيا خليفة حفتر، في قاعدة الرجمة في شرق ليبيا، بعد تدهور الأوضاع، واندلاع التظاهرات أخيراً”.
وأوضح أنه “رغم التراجع المصري الكبير في دعم حفتر، وعدم دعم تطلعاته وأفكاره بشأن الوضع في ليبيا، والتي لا تستبعد الخيار العسكري، إلا أنه كان هناك حرص مصري خلال الأيام الأخيرة على تنشيط قنوات الاتصال مع حفتر لأسباب متعددة، أهمها البعد الأمني، في الوقت الذي لا تزال القوات، التي يتولى قيادتها، هي المشرفة على تأمين الشريط الحدودي بين مصر وليبيا”.
وعلى صعيد الخطط المصرية للتعامل مع الملف الليبي خلال الفترة المقبلة، قال المصدر إن “الأمر معقد للغاية حالياً، خصوصاً أن القاهرة باتت ترى أن كل الأسماء المطروحة على الساحة جزء من الأزمة ولا يمكن الاعتماد عليها في حل”.
وشدّد على أنه “ليس بإمكان عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية، أو فتحي باشاغا رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، إجراء الانتخابات خلال الفترة المقبلة، أو المساهمة في حل الأزمة الراهنة”.
وتابع المصدر: “ما يزيد الأزمة أن أياً من الأسماء المطروحة كبدائل لا تتمتع بالقدر الكافي من التوافق، سواء على المستوى الداخلي في ليبيا، أو بين القوى الدولية والإقليمية اللاعبة في الملف الليبي”.
مأزق المثلث الحدودي
ولفت المصدر إلى أن “هناك مأزقاً آخر ناجماً عن الوضع المتردي في ليبيا والسودان، يتعلق بالمثلث الحدودي، المشترك بين الدول الثلاث، والذي تعاني مصر من تحمل عملية تأمينه، خشية أي أنشطة لتنظيمات متطرفة، أو عصابات التهريب، في ظل انشغال القوات من الجانبين الليبي والسوداني بالأوضاع الداخلية”.
وأخيراً شهد الموقف المصري الرسمي من ليبيا تطوراً في طبيعة الحديث الرسمي الصادر عن القاهرة. فبعد فترة طويلة من التمسك المصري بضرورة إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا قبل الذهاب للاستحقاقات الانتخابية، أبدت مصر، على لسان رئيسها عبد الفتاح السيسي، تجاوباً مع المقترح الخاص ببدء خروج القوات الأجنبية بالتزامن مع إجراء الانتخابات.
وخلال اتصال هاتفي بين السيسي ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، قال الرئيس المصري إنه جرى التوافق بشأن ضرورة أن يكون حل الأزمة نابعاً من الليبيين أنفسهم، مع التشديد على أن إجراء الانتخابات هو السبيل الوحيد لتسوية الوضع الحالي، بالتوازي مع إخراج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية لضمان تنفيذ أي تسوية سياسية.
تعويل مصر على التفاهم مع تركيا ليبياً
وقال مصدر دبلوماسي مصري إنه من باب المفارقات في السياسة الخارجية المصرية، خلال السنوات الأخيرة، وبسبب التخبط الواضح في إدارة العلاقات مع الدول، فإن النظام المصري، والدوائر المقربة منه، باتا يعولان على التفاهم مع تركيا في الملف الليبي، بعد أن أفقدوا القاهرة الكثير من الأوراق التي كان يمكن استخدامها لتحقيق مصالح حقيقية في العلاقة مع الليبيين، أو الأتراك.
ورجّح أن تتسارع وتيرة التواصل مع تركيا خلال الفترة المقبلة، “استكمالاً لمشاورات بين مسؤولين على مستوى أجهزة المخابرات بين البلدين، أسفرت عن توافقات غير مباشرة تمت خلال الأيام الأخيرة، عبر تنسيق من جانب المستشارة الأممية لليبيا ستيفاني وليامز”.
وكانت مصادر خاصة قد كشفت عن “تطور” وصفته بـ”المهم جداً” بين الجانبين، وهو أن “هناك توافقاً مصرياً تركياً حول إجراء الانتخابات الليبية في أسرع وقت”.
رهان مصري على دعم أميركي
وأوضح مصدر أنه بالنسبة إلى مصر فإنها “تراهن على دعم أميركي في الكثير من الملفات التي تخصها، من أجل تحقيق مصالح استراتيجية، ومنها الملف الليبي، والذي تريد مصر أن تحقق فيه أهدافها المتمثلة في الفوز بنصيب من كعكة إعادة الإعمار في ليبيا، إضافة إلى ضمان أمن حدودها الغربية”.
وأكد المصدر أن “مسألة الأمن خطيرة بالنسبة إلى مصر، سواء في ليبيا أو السودان، ولذلك فإن أمن البلدين ضروري لمصلحة مصر العليا”.
وقال إن “القاهرة تراهن الآن على دورها في تحقيق المصالح الأميركية، من أجل الحصول على دعم واشنطن، وإن هذه المصالح تتمثل في القبول بالاصطفاف في المعسكر الأميركي المضاد للمعسكر الروسي، والقبول أيضاً بالاتفاقيات المزمع توقيعها بين “إسرائيل” ودول خليجية”.