العربي الجديد-
مع ترقّب الليبيين استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية المنبثقة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، اليوم الأحد، في القاهرة، تداولت وسائل إعلام أنباء عن اجتماعات موازية انطلقت، الجمعة الماضية، في مونترو السويسرية، بمشاركة شخصيات ليبية سياسية وأمنية وعسكرية، من أجل مناقشة العملية السياسية.
ويأتي استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية المنبثقة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، اليوم الأحد، في القاهرة، بعد سلسلة اجتماعات أخرى عقدتها اللجنة منتصف إبريل الماضي في المكان ذاته.
ويشارك وفدان من البرلمان ومجلس الدولة في هذه المحادثات التي ستستمر لعدة أيام، يتم خلالها البحث عن حل للخلافات القانونية والدستورية التي كانت من أسباب انهيار خطة الانتخابات في شهر ديسمبر من العام الماضي.
عدم الثقة في مخرجات اللجنة الدستورية
ويجري هذا الاجتماع الذي تشرف عليه الأمم المتحدة وبرعاية مصرية، وسط أجواء من عدم الثقة في مخرجات اجتماعات اللجنة الدستورية، ويرجع ذلك إلى تاريخ طويل من عدم التوافق بين المجلسين منذ انتخابهما.
غير أن عضو مجلس النواب الصادق الكحيلي استبشر خيراً باجتماعات اللجنة. وأشار في تصريحات لـ”العربي الجديد”، إلى أن اجتماعات اللجنة الدستورية ستناقش، خلال اجتماعاتها التي ستستأنف اليوم في القاهرة، المواد الخلافية في مشروع الدستور. وقال “هذا مبدأ عام لا حياد عنه، ولكن يبدو أن البعثة الأممية غير راضية عن ذلك، ولهذا تأتي بكل ما هو مخالف لكي تكون في الصورة دائما، لأن استقرار ليبيا لا يهمها ببساطة”.
تفاؤل باجتماعات القاهرة الجديدة
ورغم أن عضو المجلس الأعلى للدولة، وأحد الأعضاء الممثلين لمجلس الدولة في اللجنة الدستورية المشتركة، عبد القادر حويلي يؤكد، أن القاهرة تسيطر على قرار مجلس النواب، إلا أنه يبدي تفاؤلاً بشأن اجتماعات القاهرة الجديدة. وقال “نحن نعلم أن المصريين هم المسيطرون على مجلس النواب، ومع أننا على خلاف مع النواب، لكننا متوافقون مع مصر، وسيتم برهنة ذلك خلال اجتماعات القاهرة”.
وبمزيد من التوضيح، أضاف “المصريون يريدون حلاً سريعاً للمشكلة الليبية قبل نهاية الحرب الأوكرانية، لغاية لم يفسروها، ولقد أوضحنا لهم أن خارطة الطريق المعلنة من جانب مجلس النواب لن توفر حلاً سريعاً للمشكلة، لأن الانتخابات من خلالها ستجرى بعد 14 شهراً، ولو لم نفلح في ذلك سنذهب لمناقشة الاتفاق على قاعدة دستورية، والاتفاق حولها في ذلك الظرف لن يكون مضمونا، وهذا يعني غياب الحل”.
واستدرك قائلاً: “أخبرنا المصريين بأن الحل الوحيد هو التوجه من الآن لصياغة قاعدة دستورية، وقد توافقوا معنا في هذا الطرح”.
وبحسب تصريح حويلي، ينطلق هذا التصور من مبدأ “ضرورة كسب الوقت”، ونتيجةً لـ”رفض الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، فتح المسودة من أي طرف حتى لو كانت الهيئة نفسها، وإصرارها على إجراء الاستفتاء على المسودة كما هي”.
وتابع حويلي شرحه بالقول “لهذا قد نتجه لإعادة تغيير خارطة الطريق، وهناك مقترحات دساتير أخرى مثل: مشروع دستور أعدته جامعة طرابلس، وآخر أعده مجلس التخطيط الوطني، وقد نستخدمهما كقاعدة دستورية للانتخابات، ويبقى مشروع الهيئة كما هو عليه”.
وأشار إلى وجود بوادر انفراج لاحت بعد زيارة رئيس مجلس الدولة، خالد المشري، للقاهرة، ولقاء نائبه الأول، عمر أبو شاح، مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، في القاهرة، وذكر أنهم “توصلوا إلى رسائل مطمئنة بأن التوجه في اجتماعات القاهرة سيكون نحو القاعدة الدستورية”.
ووفقاً لقوله، فإن ذلك لعدة أسباب، أولها أن تعديل مجلس النواب الأخير على الإعلان الدستوري يقضي بتشكيل اللجنة الدستورية بعد أسبوعين من التعديل “وهذا ما لم يحدث في توقيته”.
ويكمن السبب الثاني في أن تعديل الإعلان الدستوري “يوصي باختيار نصف أعضاء اللجنة من خارج المجلسين، فيما اخْتِير كل أعضائها من المجلسين”. أما السبب الثالث فيظهر في تغيير مكان اجتماعات اللجنة الدستورية المشتركة من مدينة البيضاء، شرق ليبيا، كما تقرر خارطة طريق مجلس النواب، إلى العاصمة المصرية. هذا بالإضافة إلى سبب رابع يتجلى في انتهاء مدة الـ45 يوماً التي أقرتها الخارطة لمناقشة مواد مسودة الدستور.
وأوضح حويلي “لهذا، سنمضي إلى القاعدة الدستورية، وهو الأمر المنصوص عليه ضمن خارطة الطريق والتعديل الدستوري، وسوف يظهر كل شيء عند اجتماع اللجنة، فلو تبنّى أعضاء اللجنة من النواب توجه عقيلة صالح ذاته سيكون الأمر إيجابياً جداً، ولو تعنتت اللجنة ستتعرقل الأمور مجددا”.
ونفى حويلي وجود سقف زمني لاجتماعات اللجنة الدستورية التي ستستأنف اليوم في القاهرة، مرجحاً أن تدوم لأسبوع، وهو وقت كاف، وفق نظره، في حال وجود تجاوب من أعضاء اللجنة من النواب.
وكانت وكالة “نوفا” الإيطالية للأنباء، قد أفادت بأنّ اجتماعات مونترو غير الرسمية ستناقش مقترحين؛ الأول إعلان دستوري جديد ومؤقت، أما الثاني فهو الموافقة على مشروع الدستور الذي أصدرته الهيئة التأسيسية عام 2017، بعد طرحه للشعب للاستفتاء عليه.
وأشارت الوكالة إلى أن اجتماعات مونترو تجري برعاية وتنظيم من مركز الحوار الإنسانيِ في جنيف، وتشارك فيها شخصيات تمثل مجلسي النواب والأعلى للدولة، إضافة إلى قادة عسكريين وأمنيين، دون أن تسميهم.
ولم يُعلن بشكل رسمي عن تلك الاجتماعات في مونترو، كما لم يُعلن عن نتائجها وأعضائها.
وقلل مسؤولون ليبيون من أهمية هذه الاجتماعات، حيث أكد عضو مجلس النواب، الصادق الكحيلي، عدم علمه بتفاصيلها، وقال لـ”العربي الجديد” إن “الأمم المتحدة وملتقى الحوار الإنساني يريدان إدخال ليبيا في مشاكل جديدة نحن في غنى عنها. ولكننا ماضون في علمنا على أساس التعديل الأخير للإعلان الدستوري، خاصة بعد تشكيل اللجنة الدستورية من مجلسي النواب والدولة، وذلك لمناقشة البنود الخلافية في مسودة الدستور”.
وفي تصور الكحيلي، فإن الاجتماع “يراد منه قطع الطريق على اجتماعات اللجنة الدستورية المشتركة”.
وأضاف “من حق أي نائب أو عضو مجلس دولة حضور أي اجتماع، ولكن تقيّد والتزام المجلسين بمخرجات الاجتماع أمر آخر، وحتى لو حضر أعضاء من المجلسين الاجتماع فلن يشكل هذا فرقاً، لأنهم غير مكلفين بذلك رسمياً”.
واعتبر أن “مساعي الاجتماع لن تفلح ما دام مجلس النواب ليس طرفاً رسميا فيها، فتوصيات اللجنة الدستورية المشتركة هي التي ستحال إلى مجلس النواب من أجل إقرارها، وأي مناقشات أو اجتماعات أخرى لا تتعدى كونها سراباً”.
لا إعلان رسميا للاجتماعات في مونترو
في الجانب الآخر، أبدى عضو المجلس الأعلى للدولة، عبد القادر حويلي، تفاجؤه من عقد الاجتماع، مؤكداً أنه سمع به من وسائل الإعلام. وقال حويلي، في تصريح لـ”العربي الجديد”: “لا معلومات لدينا حول الشخصيات التي حضرت الاجتماع، ولم أتأكد بعد من حضور أعضاء من المجلسين، ولو حضروا سيكون تواجدهم بشكل غير رسمي لعدم تكليفهم بذلك من المجلسين”.
وأكد أن اللجنة الدستورية المشتركة “هي الجسم الأصيل صاحب الأحقية في تحديد السيناريو القادم للبلاد، وأن أي عمل قد تقوم به سيكون نهائياً وباتاً”.
وتطرّق حويلي ضمن حديثه إلى ما سربته وسائل إعلام عن مناقشة اجتماعات مونترو لمسألة عرض مشروع الدستور للاستفتاء دون تعديل، معلقاً: “إذا نجحوا في عرض مشروع الدستور للاستفتاء مباشرة سيكون إنجازاً عظيماً، ونحن نتمنى إجراء الاستفتاء منذ أن أرسلت لنا هيئة الدستور مسودتها، ولكن الاستفتاء لم يُنجز، وما تصبو له اجتماعات مونترو يستحيل تطبيقه واقعا”.
أما بخصوص المحور الثاني لاجتماعات مونترو، والخاص بالعمل على إعلان دستوري جديد، فقد أوضح حويلي أن “الأمم المتحدة قد تستطيع الحصول على إجماع دولي حول ذلك، ولكن الإجماع المحلي حوله صعب للغاية”. وفي نظره قد يراد من توقيت اجتماعات مونترو قبيل اجتماع اللجنة الدستورية “الضغط على المجلسين من أجل الاتفاق في القاهرة”.