اتفاق مينسك.. الصفقة التي تكرهها أوكرانيا لمنع غزو روسي شامل
الحرة-
وسط جهود دولية لردع روسيا عن غزو محتمل لأوكرانيا، أزالت فرنسا الغبار عن عملية سلام متعثرة قد توفر مخرجا للأزمة الراهنة.
وخلال زيارة قام بها الرئيس الفرنسي لموسكو، قبل أيام، ناقش إيمانويل ماكرون ونظيره الروسي فلاديمير بوتين سبل المضي قدما في تطبيق الاتفاق المعروف باسم “اتفاقات مينسك لإحلال السلام في شرق أوكرانيا”، وكذلك متطلبات الأمن والاستقرار في أوروبا.
ويرى ماكرون أن اتفاقات مينسك تتيح طريقا إلى حل النزاع المستمر.
ووقع ممثلون عن روسيا وأوكرانيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا والمنطقتين الانفصاليتين (دونيتسك ولوهانسك في المنطقة المعروفة باسم دونباس) اتفاقا من 13 نقطة تم التوصل إليه في فبراير 2015 في عاصمة بيلاروس مينسك، بعد اجتماع زعماء فرنسا وألمانيا وروسيا وأوكرانيا.
ونص الاتفاق على أن تمنح أوكرانيا المنطقتين استقلالية كبيرة مقابل استعادة السيطرة على حدودها مع روسيا.
ومنذ 2014 تشهد دونباس، المنطقة الواقعة في شرق أوكرانيا، حربا بين القوات الحكومية والانفصاليين الموالين لروسيا أودت بحياة أكثر من 13 ألف شخص.
كان من المفترض أن تنهي اتفاقات مينسك للسلام الصراع في شرق أوكرانيا الذي اندلع عندما حمل الانفصاليون المدعومون من روسيا السلاح. لكنها لم توقف القتال ولم تحل الأزمة.
وبعد هدنة تم التوصل إليها في النصف الثاني من 2020، تجددت الاشتباكات المتقطعة بين قوات كييف والانفصاليين المتهمة روسيا بدعمهم عسكريا وماليا، وهو ما تنفيه الأخيرة.
وسيمثل القرار المرتقب للبرلمان الروسي، الثلاثاء، بشأن الاعتراف باستقلال المنطقتين اللتين تدعمهما موسكو خطوة مهمة من شأنها أن تقضي بشكل فعال على عملية مينسك للسلام في شرق أوكرانيا التي تقول روسيا إنها ملتزمة بها.
وشهد عام 2019 آخر محادثات بين قادة أوكرانيا وروسيا وفرنسا وألمانيا بشأن العملية.
وكانت الرئاسة الفرنسية قالت إن ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس البولندي أندريه دودا أبدوا دعمهم المشترك لتطبيق اتفاق مينسك لوقف إطلاق النار.
وقال مصدر بالحكومة الألمانية، في إفادة للصحفيين، الأحد الماضي، إن شولتس يأمل في أن يناقش مع الرئيسين الأوكراني فولوديمي زيلينسكي والروسي بوتين السبل الممكنة لإحراز تقدم في تطبيق اتفاقات مينسك للسلام التي تهدف إلى إنهاء صراع الانفصاليين في شرق أوكرانيا.
كيف تنظر موسكو وكييف للاتفاق؟
قال زيلينسكي إن أوكرانيا تتخذ نهجا مسؤولا تجاه اتفاق مينسك لوقف إطلاق النار بشأن إنهاء الحرب في شرق أوكرانيا، لكنها تختلف مع روسيا حول كيفية تنفيذ الاتفاق.
تقول صحيفة واشنطن بوست إن الأوكرانيين يكرهون اتفاقات مينسك “لدرجة أن مسؤولي كييف حذروا مؤخرا من أن تنفيذها وفقا للشروط الروسية قد يؤدي إلى أعمال شغب وفوضى”.
وترى الصحيفة أن مثل “هذا النوع من عدم الاستقرار قد يمنح روسيا لحظة مثالية إما لإسقاط الحكومة ذات الميول الغربية أو للغزو”.
وأضافت أن الوضع في دونباس يشكل توترا مستمرا يمكن أن يسفر عن إثارة أزمات مثل الأزمة الحالية التي تشمل روسيا وأوكرانيا وحلف شمال الأطلسي.
يخشى العديد من الأوكرانيين من أن اتفاقية مينسك ستمكن موسكو من إعادة تأكيد هيمنتها على أوكرانيا، بإجبار كييف على منح المنطقتين الانفصاليتين وضعا خاصا، بما في ذلك الميليشيات الانفصالية الخاصة بهما.
وفي المقابل تصر روسيا على منح المناطق الانفصالية الحكم الذاتي، ومن ثم يمكن إجراء الانتخابات. وعندها فقط ستستعيد أوكرانيا سيطرتها على حدودها مع روسيا.
ويتهم المسؤولون الروس أوكرانيا برفض الوفاء بالتزاماتها، ويطالبون كييف بالتفاوض مباشرة مع الانفصاليين.
وفي غضون ذلك، أصدرت موسكو أكثر من 600 ألف جواز سفر روسي في المنطقتين الانفصاليتين، وحولت الأوكرانيين إلى مواطنين روس.
وفي ديسمبر الماضي، عين حزب روسيا المتحدة المهيمن الزعيمين الانفصاليين كعضوين في الحزب.
لماذا يعتقد الدبلوماسيون أن اتفاق مينسك قد ينجح الآن؟
بينما يحذر المسؤولون الأميركيون من أن روسيا قد تهاجم أوكرانيا في أي وقت، تتعرض كييف لضغوط لتمرير اتفاق السلام “غير المرحب به” بدلا من المخاطرة بفقدان المزيد من الأراضي والأرواح، حسبما تقول واشنطن بوست.
يقول المسؤولون الأوروبيون إن الأمر سيستغرق وقتا وعملا شاقا.
وحتى الآن، ليس هناك ما يشير إلى إمكانية إحياء الاتفاق. ولم تتفق المحادثات الماراثونية الأخيرة في باريس وبرلين على طريقة للمضي قدما.
فأوكرانيا لا تزال غير مستعدة لقبول شروط روسيا. وقال أوليكسي دانيلوف، سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني، لوكالة أسوشيتدبرس، إن الوفاء باتفاقيات مينسك سيعني “تدمير” أوكرانيا.
وفي مقال حديث لبوليتيكو، كتب أولكسندر دانيليوك، الرئيس السابق لمجلس الأمن والدفاع، قائلا: “ما يعرفه بوتين (ولم يفهمه الغرب بعد) هو أن أي تحرك من جانب أوكرانيا للاعتراف رسميا بنوع من الاستقلال لدونباس سيثير احتجاجات جماهيرية في جميع أنحاء أوكرانيا”.
ومن المقرر أن يجتمع مجلس الأمن الدولي، الخميس المقبل، في اجتماع يعقد بانتظام بشأن اتفاقات مينسك التي أقرها المجلس في 2015.