عربي 21-
نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا عن الانتخابات الليبية قالت فيه إنها لا تسير حسب المخطط لها.
وأشار المقال الذي ترجمته “عربي21” إلى أن أفضل ترفيه لدى الليبيين في نهاية الأسبوع هو مشاهدة سباق الخيول العربية في العاصمة طرابلس وبنغازي. والمتنافسون قد يكونون مجموعة من الخيول العنيدة، ويحتاج الحصان إلى مجموعة من الرجال لوضعه في مكانه في السباق، وحتى بعد كل الجهود يقوم الحصان برمي فارسه والتخلص منه.
وبالمقارنة، فإن تنظيم الانتخابات الرئاسية يبدو أكثر فوضوية من سباق الخيول، حيث يوجد إطار قانوني واضح ومقبول لتنظيمها في موعدها المقرر يوم 24 ديسمبر، إذ تم استبعاد المرشحين ثم قبلت طلباتهم فيما بعد.
واستقال المبعوث الأممي الذي كان من المفترض أن يساعد في العملية، يان كوبيس في شهر نوفمبر. وهناك إشارات عن تأجيل الانتخابات في وقت بدأ فيه أمراء الحرب باستعراض عضلاتهم.
وحاصرت ميليشيات في 15 ديسمبر مكاتب الحكومة بالعاصمة وإن كان لفترة قصيرة. وكان من المفترض أن تخرج الانتخابات ليبيا من حالة الفوضى التي بدأت بعدما قام الثوار وبدعم حلف الناتو بالإطاحة بالديكتاتور العجوز معمر القذافي في عام 2011. ثم دخلت البلاد في عام 2014 إلى حرب أهلية بسبب الخلاف على الانتخابات.
وسارعت القوى الخارجية والمتمثلة في تركيا في الغرب وفرنسا والإمارات العربية المتحدة وروسيا بالدخول إلى الشرق. وحاولت الأمم المتحدة تشكيل حكومة وحدة وطنية في 2015 ولكنها لم تحصل على الدعم الكامل. وفي عام 2019 قام الجنرال المتقاعد خليفة حفتر بمحاصرة العاصمة طرابلس لمدة 14 شهرا. وفشلت محاولته، والفضل يعود في هذا لتدخل تركيا.
وبعد ذلك قامت الأمم المتحدة برعاية عملية سياسية قادت إلى وقف إطلاق النار في 2020 وتشكيل حكومة انتقالية وافقت عليها كل الأطراف في فبراير 2020، ثم كانت الانتخابات الرئاسية تتويجا لهذه العملية السياسية.
ورغم الإقبال الكبير على التسجيل في الانتخابات من قبل الليبيين، إلا أن عديد الأطراف رفضت قانونا انتخابيا دفع به رئيس مجلس النواب في الشرق عقيلة صالح، وهو نفسه مرشح للانتخابات.
ولم تعقد حملات انتخابية تقليدية، لكن التقارير تتحدث عن محاولات الجماعات المسلحة للتأثير على الناخبين وحثهم على التصويت لفائدة مرشح بعينه.
وواحد من أشهر المرشحين هو سيف الإسلام القذافي، نجل الديكتاتور السابق. وعندما خرج من مخبئه في الزنتان، لبس عباءة بنية كتلك التي كان يلبسها والده، ليذكر الكثير من الليبيين بوحشية القذافي الأب، في وقت يحن آخرون للاستقرار النسبي لتلك الفترة التي عمل فيها سيف مثل رئيس وزراء.
ويعتقد أنصار نجل القذافي أنه لو لم تحدث الثورة لكان اقتصاد ليبيا وبناها التحتية قويا، كما يعتبرون أنفسهم غير مهتمين بقرار محكمة الجنايات الدولية بخصوص إصدار أمر بالقبض عليه بتهم ارتكاب جرائم حرب أثناء الثورة.
وإذا كان سيف يمثل فترة القذافي، فإن خليفة حفتر يمثل الفترة التي تبعتها، إذ قاد تمردا وأعلن عن نفسه قائدا للجيش الليبي، وقام رجاله بإطلاق الرصاصة الأولى في الحرب الأهلية التي أغرقت ليبيا عندما رفضت الإدارة التي سيطر عليها الإسلاميون عقد انتخابات بعد نهاية فترتها عام 2014. ومثل سيف، فهو متهم بجرائم حرب.
في المقابل، يملك الغرب عديد المرشحين، وأشهرهم عبد الحميد دبيبة، رئيس الحكومة الانتقالية في طرابلس. وكان يترأس أكبر شركة إنشاءات في ليبيا أثناء حكم القذافي. ويشك الناخبون في قدرته على الحد من الفساد.
وعندما أصبح رئيسا للوزراء، وعد بعدم ترشيح نفسه لأي منصب، لكنه غير رأيه. إلا أن الليبيين يذكرون له جهوده في تنظيف الشوارع والتخلص من الأنقاض، كما أعاد فتح الطرق بين الشرق والغرب وفتح الملاحة الجوية في كل ليبيا.
وفي بعض الأحيان قدم نفسه كأنه ليبرالي، ومنح النساء الليبيات حق نقل الجنسية لأطفالهن وخصص منحا للأزواج الجدد.
وفي حالة عدم حصول أي مرشح على غالبية الأصوات فسيتم المضي نحو الجولة الثانية، هذا إذا افترضنا عقد الانتخابات في موعدها واحترمت نتائجها.
ولا يوجد شيء مؤكد، فقد حاول رجال حفتر منع سيف من الاستئناف على الحكم الصادر بمنعه من المشاركة، وتم السماح له لاحقا.
لكن القصة الليبية ليست قاتمة كلها، فلدى ليبيا ثروة كبيرة من النفط، وبعدد قليل من السكان لا يتجاوز 7 ملايين، ولا تبعد إلا أميالا عن المستهلك الأوروبي.
وبعيدا عن خلافات السياسيين، يقوم القادة العسكريون بجهود لتوحيد البلد. وهناك من يعتقد أن بعثة الأمم المتحدة باتت في يد قوية الآن، فهي بيد الدبلوماسية الأمريكية ستيفاني ويليامز التي رسمت خريطة الانتخابات، وهي تحاول جمع المرشحين، لكن يبدو الأمر صعبا.