اخبارالرئيسيةعيون

إقبال شبابي واسع في ليبيا على مقاهي “الشيشة”

العربي الجديد-

تحولت جلسة التدخين إلى طقس يومي بالنسبة للكثير من الشبان الليبيين، ويرجع كثيرون انتشار مقاهي الشيشة في كل المدن إلى أسباب من بينها قلة فرص العمل وتفشي البطالة، أو الفراغ الذي يضطر كثيرين إلى قضاء الوقت في المقاهي، فضلاً عن حالة الاحتراب التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية، والتي ضيقت فرص الاستجمام والنزهات.
وأثار تحول كثير من مقاهي البلاد إلى مقاه متخصصة في تدخين الشيشة انتباه المهتمين بالشأن الصحي والاجتماعي، إذ باتت بعض الأحياء التي تضم العديد من تلك المقاهي مقصداً لكثير من الشباب، ومن بينها في طرابلس حي طريق الشوك وحي البحر، وعدة أحياء في بنغازي وفي سبها.
يؤكد مهندس البرمجيات الليبي عبد الباسط الرفادي أن “جلسة تدخين الشيشة أصبحت عنواناً لأي لقاء بين الأصدقاء في مختلف أنحاء البلاد، بل بات البعض يهجرون المقاهي التي لا توفر الشيشة”، ويضيف في حديث لـ”العربي الجديد”: “بحكم ما تقدمه شركتي من خدمات تقنية، تمكنت من زيارة كثير من مدن ليبيا، ويمكنني التأكيد أن مقاهي الشيشة تعد الوجهة الرئيسية للكثير من الشباب، كما أن الإقبال على الشيشة متفش أيضاً بين طلاب الجامعات، وحتى طلاب المرحلة الثانوية”.

يلتقي الرفادي بأصدقائه في أحد مقاهي حي طريق الشوك ثلاث مرات في الأسبوع، ويقول إنه أدمن على تدخين الشيشة، وأن أغلب أصدقائه يدخنون، والأجواء في المقهى تشجع على ذلك، يضيف: “لا ألحظ تضرر صحتي بسبب تدخين الشيشة، ربما لأنني أمارس الرياضة يومياً. لا أنكر أنها تكلفني الكثير من المصاريف شهرياً، وبعض الأصدقاء توقفوا عن التدخين لأن مصاريفها لا تناسب دخلهم الشهري”.
وبالتوازي مع انتشار مقاهي الشيشة، باتت محال بيع السجائر تعرض أصنافاً عديدة من السجائر، ومن “معسل الشيشة” بنكهات متعددة، والتي أصبحت تجارة رائجة بسبب الإقبال على شرائها.
يدخن حازم الهلّاش الشيشة يومياً، وباتت جلسة التدخين الصباحية ضرورية قبل الذهاب إلى العمل، ويقول لـ”العربي الجديد”: “بعد أن بدأت العمل في حرس الجمارك قبل ثلاثة أعوام، كنت أرافق زملائي إلى العمل، وكان أكثرهم يمر على المقاهي صباحاً لتدخين الشيشة قبل مواعيد العمل، ودفعني الفضول إلى تجريبها، ومع مرور الوقت أدمنتها. أتمنى التخلص منها، فقد سببت لي مشاكل صحية، من بينها شعوري بضيق التنفس أحياناً، ومن اللافت أن الجلسات الصباحية للتدخين دفعت المقاهي إلى فتح أبوابها مبكراً”.

وبينت آخر دراسة أعدها مركز المعلومات والتوثيق التابع لوزارة الصحة في عام 2010، بناء على مسح موسع، أن نسبة الأفراد الذين جربوا تدخين الشيشة، ولو لمرة واحدة في حياتهم، يبلغ 18.2 في المائة بين الذكور و11.3 في المائة بين الإناث، ونسبة المدخنين عموماً تبلغ 17.1 في المائة”.
ويؤكد الباحث عبد العزيز الأوجلي في حديث لـ”العربي الجديد”، أن معدلات المدخنين عموماً، ومدخني الشيشة على وجه الخصوص، زادت بشكل كبير، ويرجع تلك الزيادة إلى عوامل عدة، من بينها زيادة عدد السكان، وتفشي ثقافة استهلاك التبغ في البلاد، مع ارتفاع نسب البطالة التي تدفع كثير من الشباب إلى ارتياد المقاهي، ثم تجريب التدخين قبل الإدمان عليه.
ويضيف أن “عدم وجود برامج لتشغيل الشباب سبب رئيسي في تفشي التدخين، كما أن ندرة فرص العمل دفعت شريحة من المواطنين إلى إنشاء المقاهي، ولو أجريت دارسة جادة حول الظاهرة، ستكشف أن الشباب يدخنون الشيشة في المقاهي فقط، ما يعني أن الأمر يقتصر على تضييع وقت الفراغ، وليس نوعاً من الإدمان، فالمدمن سيدخن في المقهى وفي البيت أيضاً، وهذا غير قائم، وينبغي فرض قيود مشددة على مقاهي الشيشة لأنها الأكثر انتشاراً لتفادي المخاطر الصحية الكبيرة، لكن خطر التدخين لم يعد محصوراً في المقاهي، فقد انتشرت الشيشة الإلكترونية، والتي يمكن أن يصطحبها المدخن معه إلى أي مكان”.

ويثير الأوجلي العديد من الأسئلة على هامش انتشار التدخين، من بينها جودة أصناف “المعسل” التي تروج لها المحال، والتي يتم بيعها أيضاً في بعض المقاهي، مؤكداً أن الرقابة على هذا النوع من المواد المستوردة تكاد تكون معدومة، ومعظمها يتم جلبه عبر طرق التهريب، إضافة إلى أن الكثير من العمال الذين يتم توظيفهم في مقاهي الشيشة أغلبهم من بين العمالة الأفريقية الوافدة بطرق غير نظامية، وبالتالي لا يملك أي منهم عقوداً رسمية أو شهادات صحية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى