
العربي الجديد-
انطلقت اجتماعات موسعة بين اللجنة المالية في مجلس النواب الليبي ومصرف ليبيا المركزي، بمشاركة ممثلين عن الحكومتين في الشرق والغرب، وذلك في محاولة لتفعيل “روشتة” الإصلاح الاقتصادي ووضع حدٍّ للتدهور المالي المستمر، في ظل أرقام صادمة وعجز متزايد يهدد استقرار الدينار.
وكشفت مصادر من مصرف ليبيا المركزي لـ “العربي الجديد” أن برنامج الإصلاح الاقتصادي يتضمّن فرض ضريبة على الرواتب المرتفعة ضمن السلم الوظيفي، إلى جانب رفع جزئي أو كلي للدعم عن المحروقات، مع إجراءات موازية لترشيد الإنفاق العام، تشمل تقليص عدد السفارات والبعثات الدبلوماسية في الخارج مع إيقاف مشروعات التنمية.
الخبير الاقتصادي عز الدين عاشور وصف الإصلاحات الاقتصادية في ليبيا بأنها لا تتجاوز كونها “عمليات تجميلية”، مشيرًا إلى أنها تركز على حلول سطحية دون معالجة الأسباب الجذرية للأزمة مثل الفساد وضعف الحوكمة والاعتماد المفرط على النفط.
وأعاد التذكير ببرنامج الإصلاح الذي أطلقه مصرف ليبيا المركزي عام 2021، والذي استهدف تخفيض سعر الصرف تدريجيًّا، لكنه تعثّر بفعل غياب الاستقرار المؤسسي وارتفاع الإنفاق الحكومي، من دون أن ينعكس إيجابيًّا على أزمة السيولة أو القوة الشرائية للمواطنين.
وأوضح لـ “العربي الجديد” أن تخفيض سعر الصرف أدى إلى زيادة أسعار الواردات، مما ساهم في ارتفاع معدلات التضخم وتراجع القوة الشرائية للمواطنين.
وفي السياق ذاته، حذّر المحلل المالي صبري ضوء في حديث مع “العربي الجديد” من فرض ضريبة تصاعدية باستثناء ذوي الدخل المحدود، مؤكدًا أن موظفًا يتقاضى 2500 دينار شهريًّا يعادل راتبه نحو 390 دولارًا فقط، بسعر الصرف الحالي وهو دخل منخفض جدًّا بمقياس معدلات الفقر. ورغم التحذيرات، رأى ضو أن فرض الضرائب على الرواتب المرتفعة خطوة ضرورية لضبط بند الأجور.
من جانبه، شدّد المحلل الاقتصادي محمد الشيباني لـ “العربي الجديد” على أن الإصلاح الاقتصادي في ليبيا لن ينجح من دون وجود حكومة موحدة وضبط الإنفاق العام. وحذّر من تداعيات رفع الدعم عن المحروقات، متوقعًا موجة غلاء واسعة وسط عجز المصرف المركزي عن تقديم دعم نقدي للمواطنين ودعا الشيباني إلى خطة تقشف لثلاث سنوات، وتشكيل حكومة مصغّرة قادرة على ضبط المصروفات العامة واستعادة استقرار العملة المحلية.
أعرب أستاذ الاقتصاد طارق الصرماني عن تفاؤله ببعض الخطوات المتخذة ضمن روشتة الإصلاح، مثل تخفيض عدد السفارات بنسبة 20%. وأكد لـ “العربي الجديد” أهمية السير نحو موازنة موحدة، وضبط نفقات الرواتب والدعم، مشيرًا إلى أن الترشيد المالي ضرورة ملحّة في المرحلة القادمة.