اخباراقتصادالرئيسية

إحياء ليبيا شهادات إيداع المضاربة يثير جدلاً اقتصادياً

العربي الجديد-

أصدر مصرف ليبيا المركزي في الآونة الأخيرة، تعليمات للمصارف التجارية بشأن طرح شهادات إيداع بصيغة المضاربة المطلقة، في محاولة لإحياء أدوات مالية مستمدة من الشريعة الإسلامية، وسط تباين في آراء الخبراء والمختصين حول الصيغة المعتمدة وجدواها الاقتصادية والشرعية. وجاء في بيان صادر عن إدارة الرقابة على المصارف بالمركزي، أن الشهادات الجديدة مخصصة لاستثمار أرصدة حسابات الاستثمار في المصارف الليبية، بعوائد سنوية متوقعة تتراوح بين 5% للمودعين و5.5% للمصارف، مع فترات استحقاق تصل إلى 91 و182 و365 يومًا.

فقد رحّب عدد من المحللين بهذه الخطوة، معتبرين أنها تمثل تحركًا نحو تفعيل أدوات السياسة النقدية الإسلامية. وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي محمد الشيباني، إن إصدار شهادات إيداع بصيغة المضاربة المطلقة هو خطوة في الاتجاه الصحيح نظريًا، تعكس محاولة لإحياء أدوات السياسة النقدية الإسلامية في ليبيا، لكنها تحتاج إلى مزيد من الشفافية والتقييم وربطها بالاقتصاد الحقيقي. وأضاف لـ”العربي الجديد” أن ربط هذه الشهادات بحسابات الاستثمار في المصارف التجارية قد يوفّر بدائل ادخارية جديدة للمواطنين، بعيدًا عن الأدوات الربوية التقليدية، لكنه شدد على ضرورة أن يكون التنفيذ مصحوبًا بآليات رقابية واضحة تحمي المودعين.

وفي المقابل، أبدى مختصون في التمويل الإسلامي تحفظات جوهرية على صيغة الطرح التي اعتمدها المصرف المركزي. المحلل المالي عادل الكيلاني اعتبر أن تحديد نسبة أرباح ثابتة يتنافى مع جوهر عقد المضاربة، وقال: “حسب الضوابط الشرعية، لا يجوز تحديد عائد ثابت في عقد مضاربة. ما ورد في المنشور يعطي إيحاء بضمان الربح ورأس المال، وهو ما يتعارض مع قاعدة (الغُنم بالغُرم) الأساسية في فقه المعاملات”.

وأوضح الكيلاني لـ”العربي الجديد” أن الصيغة المثالية تقتضي توزيع الأرباح بنسبة مئوية بين المصرف والمودع، دون تحديد رقم مسبق للعائد، مشيرًا إلى أن الطرح الحالي أقرب ما يكون إلى أداة دين بفائدة منه إلى عقد مضاربة شرعي.

وقال المصرفي معتز هويدي إن شهادات المضاربة المطلقة، بعوائد تصل إلى 5%، تُعد فرصة استثمارية جديدة لأصحاب حسابات الاستثمار، حيث تتيح لهم توظيف أموالهم بطريقة شرعية وآمنة، بعد أن تم اعتمادها وإجازتها رسميًا من الهيئة الشرعية بالبنك المركزي، مما يجعلها خالية تمامًا من أية شبهة ربوية.

وأضاف لـ”العربي الجديد” أن إطلاق هذا المنتج سيُحدث أثرًا إيجابيًا واضحًا على استقرار سعر الصرف، إذ إن شريحة كبيرة من السيولة النقدية التي كانت تتجه نحو المضاربة في سوق الدولار، ستتحول إلى هذه القناة الاستثمارية الجديدة، ما من شأنه تقليص الضغط على العملة المحلية وتعزيز دور الجهاز المصرفي في استيعاب الفوائض المالية.

وأكد هويدي أن هذه الشهادات لا تمثل فقط خطوة نحو توسيع خيارات الاستثمار الشرعي، بل تُسهم أيضًا في إعادة الثقة في النظام المصرفي، وتشجيع أصحاب المدخرات، سواء في الحسابات البنكية أو حتى تلك المخزنة في المنازل، على توجيه أموالهم إلى قنوات آمنة ومربحة تحفظ قيمتها وتدر عليها عائدًا منتظمًا.

ويأتي هذا الطرح في وقت يعاني فيه القطاع المصرفي الليبي من جمود في الأدوات المالية، وارتفاع في معدلات الاكتناز النقدي، ما دفع المركزي إلى تعديل نسبة السيولة المطلوبة لدى المصارف إلى 35% من إجمالي الودائع، في محاولة لتحريك الدورة المالية، وسط تفاقم ظاهرة تجميد الأموال خارج النظام المصرفي، حيث تجاوزت ودائع تحت الطلب حاجز الـ100 مليار دينار، في حين بلغت العملة المتداولة خارج القطاع المصرفي قرابة 70 مليار دينار تشمل العملة في طرابلس والمطبوعة في روسيا. (الدولار= 5.5 دنانير).

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى