اخبارالرئيسيةفضاءات

إحاطة السيدة ستيفاني خوري القائمة بأعمال رئيس البعثة ونائبة الممثل الخاص للأمين العام أمام مجلس الأمن 9 أكتوبر 2024

السيد الرئيس،

لعلكم تتذكرون أنه في إحاطتي الأخيرة أمام مجلس الأمن في 20 أغسطس، ركزت بشكل كبير على التدابير أحادية الجانب التي اتخذتها مختلف الأطراف الليبية وما نتج عنها من عدم استقرار.

وعلى مدار الشهرين المنصرمين، شاهدنا باستمرار الآثار السلبية لهذه القرارات أحادية الجانب، لكننا شهدنا أيضاً تطوراً إيجابياً أعاد بعض الأمل في أن يتخذ القادة الليبيون الخطوات اللازمة للسير ببلادهم إلى الأمام.

في 18 أغسطس، أصدر المجلس الرئاسي مرسومين يقضيان باستبدال محافظ مصرف ليبيا المركزي وتعيين مجلس إدارة للمصرف. وقد رفض مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة هذين القرارين، مؤكدين على صلاحيات المجلسين بموجب الاتفاق السياسي الليبي. وفي 26 أغسطس، أعلنت “الحكومة” المعينة من قبل مجلس النواب، ورئيس مجلس النواب السيد عقيلة صالح، كل على حدة، تعليق إنتاج النفط وتصديره.

وقد أدت الأزمة المحيطة بمصرف ليبيا المركزي في بادئ الأمر إلى إثارة التوترات بين التشكيلات المسلحة في طرابلس والغرب في أواخر أغسطس، لكن هذه التوترات هدأت بعد أن وافقت هذه التشكيلات، عبر مفاوضات مكثفة، على ترتيبات أمنية جديدة، بما في ذلك تسليم السيطرة على العديد من المواقع الرئيسية في العاصمة إلى وزارة الداخلية.

وإذ تشعر البعثة بقلق متزايد إزاء تأثير هذه الأزمة على الشعب الليبي، عقدت في سبتمبر عدة جولات من المحادثات على أساس الاتفاق السياسي الليبي مع ممثلي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي.

وفي 26 سبتمبر، وقع ممثلو مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على اتفاق تضمن المرشحين لمنصبي محافظ المصرف ونائبه، ونص على تشكيل مجلس إدارة المصرف. وفي يوم 2 أكتوبر، تولى محافظ ونائب محافظ جديدين منصبيهما بعد مشاورات أجراها المجلس الأعلى للدولة ومصادقة مجلس النواب.

ورحبت البعثة بهذه النتيجة التي أعقبها في 3 أكتوبر إعلان المؤسسة الوطنية للنفط رفع حالة القوة القاهرة، ما سمح باستئناف عمليات إنتاج وتصدير النفط بشكل كامل. وأود أن أشيد بالمشاركة البناءة من جانب مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي وغيرهم من القادة الليبيين في إيجاد حل لأزمة المصرف المركزي، فضلاً عن أعضاء المجتمع الدولي الذين دعموا التوصل إلى حل سريع للأزمة.

ولا يزال يتوجب اتخاذ خطوات أخرى تبدأ بتعيين مجلس إدارة المصرف، إذ أن القيادة الكفؤة والخاضعة للمساءلة للمصرف المركزي أمر ضروري لاستعادة ثقة الشعب الليبي فيه ولمصداقيته ضمن النظام المالي العالمي. وأحث الأطراف الليبيين على دعم القيادة الجديدة من أجل القيام بإصلاحات حاسمة تتعلق بالسياسة النقدية والحوكمة.

السيد الرئيس،

إن هذه الأحداث تذكرنا بالأهمية الحاسمة لضمان استقلال مؤسسات الدولة والحاجة إلى نزع الطابع السياسي عن استخدام المؤسسات والموارد الطبيعية الليبية لتحقيق مكاسب سياسية.

وهي أيضًا بمثابة تذكير صارخ بالتهديد الذي تشكله الإجراءات أحادية الجانب وضرورة أن تعمل جميع الأطراف معاً، مع التزام كل بصلاحياته، لإيجاد حلول بإعمال روح التوافق.

ومن المؤسف أن هناك قرارات أحادية أخرى تغذي الانقسامات. حيث لا يزال النزاع مستمراً حول سلطة الفصل في المسائل الدستورية. ففي 1 أكتوبر رفضت المحكمة العليا تعيين قضاة المحكمة الدستورية من قبل مجلس النواب في 23 سبتمبر.

ولا يزال القرار الذي اتخذه مجلس النواب في وقت سابق بإلغاء ولاية حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة يشكل مصدراً للتوتر.

ولابد أيضاً من التوصل إلى توافق في الآراء بشأن المضي قدماً في مسار المصالحة الوطنية الذي لا يزال متوقفا.

السيد الرئيس،

من الجلي أن استمرار الإجراءات أحادية الجانب لن يؤدي إلا إلى تقويض سيادة ليبيا، وإغراق البلاد في المزيد من الأزمات، وتشتيت الانتباه عن المهمة المطروحة، ألا وهي تمهيد السبيل لحل سياسي شامل، حل يعالج قضايا مثل الانقسام الحالي داخل مؤسسات الدولة، والحاجة إلى حكومة موحدة، واستعادة الشرعية الديمقراطية عن طريق الانتخابات.

وقد أوضح الليبيون أيضاً رغبتهم في إجراء عملية سياسية لمعالجة القضايا الأساسية بعيدة المدى، وتشمل هذه القضايا طبيعة الدولة الليبية وبنيتها، والتوزيع العادل للثروات على جميع الليبيين. وهذا يستلزم حواراً شاملاً.

لقد أظهرت الأحداث الأخيرة أن تدابير بناء الثقة، مثل إنهاء الإجراءات أحادية الجانب، أو تأمين ضمانات للوفاء بالالتزامات المُتعهد بها، أكثر أهمية من أي وقت مضى للتقدم في إجراء عملية سياسية بناءة.

ويعطي حل أزمة المصرف المركزي بارقة أمل في إحراز تقدم في عملية سياسية شاملة تيسرها الأمم المتحدة ويمكنها أن تضع البلاد على طريق الانتخابات العامة واستقرار طويل الأمد. وتعمل البعثة بجد بهدف دفع هذه العملية إلى الأمام، والتي يظل الدعم الدولي أمراً حاسماً لإجرائها.

السيد الرئيس،

إن استمرار الانقسام داخل المجلس الأعلى للدولة بشأن التصويت المتنازع عليه لاختيار رئيس للمجلس في 6 أغسطس يشكل قضية أخرى تزعزع الاستقرار في ليبيا. ويؤدي هذا الشلل إلى تآكل وحدة هذه المؤسسة الهامّة. هناك تقارير أيضاً عن تعرض بعض أعضاء المجلس الأعلى للدولة للتهديد من قبل أجهزة أمن في طرابلس. تعمل هذه الممارسات على تقويض استقلالية المؤسسة وتخلق مناخاً غير مقبول من الخوف.

إنني أدعو جميع الأطراف الفاعلة المعنية إلى إيجاد حل يحافظ على وحدة المجلس الأعلى للدولة. وستعمل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على المساعدة في تيسير التوصل إلى حل لهذه المسألة.

السيد الرئيس،

لا تزال آثار الصراع المسلح محسوسة من قبل الليبيين العاديين. وقد أسفرت حوادث الذخائر غير المنفجرة في أغسطس وسبتمبر لوحدهما عن مقتل 13 شخصاً، بينهم طفلان.

وفيما يتعلق باتفاق وقف إطلاق النار، فقد التقيت في 25 أغسطس باللجنة العسكرية المشتركة (5+5) في سرت. وحثثت اللجنة العسكرية المشتركة على الاستمرار في إنجاز ولايتها، كما حثثت السلطات الليبية على التغلب على العقبات التي تعيق التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار. ويمثّل اجتماع مجموعة العمل الأمنية في سرت، والمقرر عقده في وقت لاحق من هذا الشهر، فرصة لإعادة تركيز الجهود على المسار الأمني.

السيد الرئيس،

في تقدم إيجابي، يستمر الاستعدادات للانتخابات المحلية في 60 بلدية.

أغلق باب تقديم طلبات الترشيح في 14 سبتمبر، حيث تقدم 2,389 شخص ليبي بطلب الترشّح، منهم 474 امرأة و393 شخصاً من ذوي الإعاقة. وقد تلقت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات ملاحظات من السلطات الوطنية بشأن أهلية المتقدمين كجزء من عملية التحقق، ونشرت في 6 أكتوبر القائمة الأولية للمرشحين، لتنطلق بذلك مرحلة الشكاوى والطعون. ومن المتوقع إجراء الانتخابات في نوفمبر. وتم اعتماد أكثر من 1000 مراقب من 86 منظمة، بما فيهم أكثر من 260 امرأة.

إننا نتطلع إلى انتخابات محلية ناجحة، وهي فرصة مهمة للشعب الليبي لممارسة حقه في اختيار من يمثله.

السيد الرئيس،

إن انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء ليبيا لا تزال مثيرة للقلق. وعلى مدى الشهرين الماضيين، تم الإبلاغ عن أكثر من 23 حالة اعتقال واحتجاز واختفاء قسري تعسفي، بما في ذلك ثلاثة من النساء والأطفال، في غرب وشرق ليبيا، وكثير منها بدوافع سياسية. وتدعو بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى إنهاء الاحتجاز التعسفي لجميع الأفراد وإجراء تحقيقات مستقلة لإنهاء الإفلات من العقاب.

كما أشعر بالقلق إزاء العنف عبر الإنترنت الذي يستهدف المنظمات النسوية، وأدعو إلى بذل جهود متضافرة من قبل السلطات والمجتمع الليبي لضمان خلق بيئة مواتية للنساء للمشاركة في الحياة العامة.

في 30 أغسطس، أصدرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان تقريراً يوثق انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها ميليشيات الكاني في ترهونة، بما في ذلك حالات الإخفاء القسري والتعذيب والإعدام التعسفي والنزوح القسري. وأحث السلطات على تنفيذ توصيات التقرير التي تتضمن الحاجة إلى المساءلة والحقيقة وجبر الضرر وضمانات عدم التكرار كمكونات أساسية لعملية مصالحة وطنية قائمة على العدالة الانتقالية. كما يؤكد التقرير على الضرورة الملحة لاستئناف الحفر وتحديد المقابر الجماعية. إن أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ضد ستة رجال ليبيين في الرابع من أكتوبر بتهمة ارتكاب جرائم فظيعة في ترهونة تشكل أهمية كبيرة في دعم المساءلة وجهود إنفاذ القانون التي يبذلها النائب العام. ولا بد لي هنا أن أشيد بجهوده المستمرة.

وأرحب بالبدء مؤخراً في التعاون بين بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والسلطات في شرق ليبيا بشأن تعزيز معايير حقوق الإنسان والإجراءات القانونية والمعاملة الواجبة للسجناء، فضلاً عن العمل المستمر لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا حول هذه المسائل مع السلطات في غرب ليبيا. وهناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به.

السيد الرئيس،

قبل شهر تقريباً، أحيت ليبيا ذكرى مرور عام على الفيضانات المدمرة في درنة والمجتمعات المحلية المحيطة بها، والتي أسفرت عن مقتل الآلاف من الأرواح بينما لا يزال العديد في عداد المفقودين. وأشيد بقدرة الشعب الليبي على الصمود.

منذ بداية أزمة السودان في عام 2023، وصل ما يقدر بنحو 98000 لاجئ سوداني إلى ليبيا. ولا تزال ظروف حقوق الإنسان والظروف الإنسانية والحماية التي يواجهها المهاجرون واللاجئون في البلاد تثير القلق. ومن الأهمية بمكان مواصلة تقديم المساعدات الإنسانية مع مساعدة السلطات الليبية في تعزيز إدارة الهجرة بما يتماشى مع معايير حقوق الإنسان.

السيد الرئيس،

في الختام، اسمحوا لي أن أكرر أن الوضع الراهن في ليبيا استمر لفترة طويلة ولكنه غير مستدام. وقد كشفت أزمة البنك المركزي عن الطبيعة الهشة للاستقرار الذي يُنظر إليه أحياناً على أنه نتيجة للجمود السياسي. الشعب الليبي يستحق أفضل من ذلك.

حان الوقت لتبديد التصور بأن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي يعملان فقط على إدارة الأزمة في ليبيا وليس معالجتها. إنني أعتزم البناء على الإنجازات الإيجابية الأخيرة والدفع بالعملية السياسية الشاملة في الأسابيع المقبلة بهدف كسر الجمود السياسي ومعالجة أسباب الصراع طويلة الأمد والمضي قدماً نحو الانتخابات الوطنية.

كما أعوّل على دعم هذا المجلس لتحقيق هذه الغاية.

___________________________________

*نقل حرفي عن موقع البعثة

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى