أين دار الإفتاء من دولة القانون؟
* كتب/ محمد بن نصر
دار الإفتاء وظيفةٌ تشريعية اخترعها جماعة الباب العالي في الدولة العثمانية، لا تتماشى مع عصر دولة المواطنة التي فيها سلطةٌ تشريعية يحتكم إليها القاصي والداني في نطاقها الجغرافي.
هذه الدولة الحديثة التي فيها نظام قضائي يعتمد على أناس متخصصين دارسين شؤون التشريع في بلادهم تاريخيًا وحداثيًا.. وهؤلاء هم رجال القانون ..
بل إن دار الإفتاء تضرب دولة القانون في مقتل.. لأن حفَظَةَ القرآن -بشكل عملي- يعادون القانون التشريعي الحقيقي والواقعي الذي شرّعه المتخصصون من فقهاء القانون للدولة المدنية الحديثة .. فهم يخلقون بفتاويهم تشريعات موازية لأحكام القانون الذي اتفق عليه مجتمعهم.. وهم يكتسبون قوتهم وقوّتهم من غفلة الشعب وليس من أي مكان آخر ..
عليه فإن تعريف المفتي في دولة القانون بأنه: الواهم بمعرفة التشريع، والمدّعي تحدثه باسم الله برميه الإثم على من يستفتيه متى شاء وقوله على ما يصف لسانه الكذب هذا حلال وهذا حرام ..
ولهذا السبب، على المجتمع أن يرفضهم رفضًا قاطعًا ويستفتي المحامين ويحتكم للقضاء.. وعلى رجال القانون بدورهم أن يبتعدوا عن رجال الدين ويستفتوا فقهاء الدستور وفقهاء القانون المتخصصين ..
إن داعش رغم احتكامها لطرق القرون الغابرة في التشريع.. لكنها أسقطت الكثير من الناس ضحيةً في شراكها حينما وقعوا تحت حكمهم.. لأنها بكل بساطة خاطبت الخلفية الدينية القديمة للناس، والتي رسخها خطباء الجمعة طوال سنين، ولأنها كانت أكثر عمليةً وتطورًا باستخدامها لنظام تشريعي واحد ..
أما أصحاب فكرة دار الإفتاء فإنهم يعاندون الطبيعة في عصر دولة حديثة تُحكّم القانون في مؤسساتها التشريعية والقضائية النابعة من توافق الشعب وليس من توافق أهل الحل والعقد كما في العصور الغابرة ..
الخلاصة، إن مجتمعًا يحكمه نوعان من التشريع يعتبر مجتمعًا فوضويًا ومتخلفًا أكثر من مجتمع يحكمه دكتاتور ظالم.. فإما أن تختاروا الدولة الداعشية أو دولة القانون .. أو انتظروا دكتاتورًا…