الاخيرةالرئيسيةفي الذاكرة

ألاّ يكون من السَرسَرية… من شروط الترشح للانتخابات البلدية

* كتب/ عبدالوهاب الحداد،

تستخدم مفردة “سَرسَري” أو “صَرصَري” في اللهجة الليبية اليوم بمعنى: الشخص التافه، سيء الأخلاق، الكاذب، المتسكع بالشوارع. إنها باختصار كلمة تختزل جملة من الصفات السيئة التي يمكن أن ينعت بها الشخص، والأمر لا يبتعد عن معنى الكلمة في أصلها العثماني.

ففي قاموس الدراري اللامعات لمحمد الأنسي، كلمة سَرسَري تعني: “البطّال” أي الرجل السيء، وتعني: “العطّال” أي العاطل عن العمل، أما في التركية اليوم ” Serseri” هو الوغد، بحسب ترجمة قوقل.

وتستخدم الكلمة في جل الدول العربية، ففي فلسطين والعراق والأردن والسعودية، السرسري هو: ابن الشوارع، عديم الفائدة، اللص، المتحرش بالنساء.

ويذهب الكاتب الكويتي “محمد الرويحل” في مقالة له إلى أن “السرسري” أطلقت زمن الدولة العثمانية على الموظف الذي عينته الحكومة لمراقبة الأسعار، إلا أنه فسد وأخذ الرشا من التجار، فتحول اسم وظيفته للدلالة على الفاسدين.

ولكن ما علاقتها بالانتخابات البلدية؟

في العهد العثماني الثاني قسمت ليبيا “ولاية طرابلس الغرب” إداريا إلى: خمسة ألوية أو سناجق، وتحت كل لواء عدد من الأقضية، ويتبع كل قضاء ناحية، وظل هذا التقسيم ساريا إلى حين صدور قانون البلديات عام 1870م حين أسست أول بلدية في البلاد “بلدية طرابلس” بأمر من الوالي “علي رضا باشا”. إلا أن تشكيل المجالس البلدية في بقية الألوية والأقضية تأخر إلى ما بعد صدور قانون البلديات أكتوبر1877م – رمضان 1294 هـ.

قانون البلديات العثماني نص على تشكيل البلديات ومهامها، وآليات انتخابها وعدد أعضائها، وغيرها من الأمور التنظيمية، وما يهمنا هنا هو شروط الترشح للبلدية التي نص عليها القانون في المادة التاسعة عشر.

فمن شروط الترشح لعضوية المجلس البلدي “… ألا يكون محكوما عليه بحبس سنة من جراء جنحة أو بجزاء آخر معادل لذلك، أو محكوما عليه بالسرسرية…”.

ولا ندري كيف كان يحكم على الشخص بالسرسرية في ذلك الوقت، فإذا كان الحكم القضائي بالحبس واضحا، ويمكن إثبات عكسه بمستند يصدر عن الجهات العدلية والقضائية، فكيف يتم إثبات البراءة من السرسرة يا ترى؟

والأقرب أن الأمر كان يعتمد على شهادة شيخ القبيلة أو مختار المحلة الذي يمنح للمترشح “علم وخبر” بحسن السيرة والسلوك، ما يعني ضمنا أن الشخص ليس من السرسرية، وهذا مجرد تخمين لا أكثر.

وعودة للسرسرية في الاستعمال الليبي، للشاعر المجاهد “علي بن حسن المصراتي” قصيدة زمن احتلال الإيطاليين للقصر الحكومي بمدينة مصراتة يقول مطلعها:

القَصَر اشْتَكَى يَحْكِي بشَيْ جَرَا لَه   مَـ السَّرْسَريَّة وعِيـتْ بُوضَلَّالَة

إلى أن يقول:

شَكــــــــــــــى للْمُولَــــــــــــــــى   مِنْ وَقْتنَا دُورَد خَرَبْ مَفعُولَه
إنْ شَاء الله شَكِيَّة بَالْغَة مَقْبُولَة   يدُورْ الْفَلَكْ يُلْطفْ الله بحَالَه
يَرفعْ الله دُولَة وْيَبْعث دُولَة   يطِيبْ وَقْتنَا وِيصِيرْ في معْدَالَه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*الكاريكاتير منقول عن موقع صحيفة هسبريس المغربية

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى