العربي الجديد-
كشف وزير النفط والغاز في حكومة الوحدة الوطنية الليبية ومقرّها طرابلس، محمد عون، أنّ بلاده تخسر أكثر من 60 مليون دولار يومياً؛ بسبب الإغلاق القسري لعدد من المواقع النفطية.
وفي مقابلة مع وكالة “فرانس برس”، قال عون إنه بنتيجة الإغلاقات “انخفض الإنتاج نحو 600 ألف برميل يومياً”، أو نصف الإنتاج اليومي من أصل 1.2 مليون برميل يومياً.
وقال: “بحساب سعر بيع بمتوسط 100 دولار للبرميل، تبلغ الخسائر 60 مليون دولار على الأقل يومياً”، في وقت تتعرض فيه السوق الدولية بالفعل لضغوط بسبب الحرب في أوكرانيا.
ومنذ منتصف إبريل، يواجه إنتاج النفط موجة من الإغلاقات القسرية لعدد من المنشآت النفطية، ما دفع مؤسسة النفط الحكومية إلى إعلان القوة القاهرة، وتعليق عمل ميناءين مهمين في الشرق، مع استمرار إغلاق ستة حقول في جنوب وشرق البلاد.
ومنع هذا الإغلاق المؤسسة الوطنية للنفط من احترام التزاماتها التعاقدية، لتعلن “قوة قاهرة” على المواقع المغلقة، مما يسمح بإعفائها من مسؤولياتها في حالة عدم تنفيذ عقود التسليم الأجنبية.
وعبّر الوزير عن أسفه لهذه “الإغلاقات المؤثرة على البنية التحتية للنفط، خصوصاً خطوط الأنابيب”، إلى جانب تأثيرها على “سمعة ليبيا وفقدان الثقة بوضعها في السوق الدولية”.
وأوضح في هذا الصدد أنه “عندما نقوم بتسليم كمية معينة إلى أحد العملاء، وفي اليوم التالي لا نكون قادرين على القيام بذلك لسبب أو لآخر، فإن هذا يجعل ليبيا تفقد مكانتها في السوق العالمية”.
وعبّرت الولايات المتحدة، الأربعاء (27 أبريل 2022م)، عن “قلقها البالغ” من عمليات الإغلاق ودعت إلى إنهائها “على الفور”. واعتبرت وقف الإنتاج إجراء متسرعاً يضر بالليبيين و”يقوض الثقة الدولية بليبيا بصفتها فاعلة في الاقتصاد العالمي”.
وتعاني ليبيا من أزمة سياسية متصاعدة مع نزاع بين حكومتين: واحدة برئاسة فتحي باشاغا منحها البرلمان ثقته في مارس، والثانية منبثقة من اتفاق سياسي رعته الأمم المتحدة قبل أكثر من عام ويترأسها عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا عبر انتخابات.
كما تأتي الإغلاقات بعد مطالبة مجموعات من شرق ليبيا بنقل السلطة إلى رئيس الحكومة الجديد فتحي باشاغا الذي عينه البرلمان ويحظى بدعم المشير خليفة حفتر الذي يسيطر بحكم الأمر الواقع على العديد من المنشآت النفطية المهمة هناك. وتطالب بتوزيع عادل لعائدات النفط والتنمية في المناطق المجاورة للمواقع النفطية.
ويرى الوزير الليبي أنّ قطاع النفط تأثر بالانقسام السياسي، مؤكداً أنّ من يقف وراء هذه الإغلاقات محتجون يطالبون بالتنمية والتوزيع العادل للعائدات النفطية.
وأضاف: “يقولون إن لهم مطالب محددة خاصة بالتنمية في مناطقهم وبناء الطرق، لا توجد دولة في العالم توزع مداخيل الثروة، بل المواطن يطلب تنمية شاملة، لكن لا يستخدم النفط في ابتزاز الدولة”، مؤكداً أنه “أمر لا نؤيده مطلقاً”.
وأكد عون أنّ وزارته شكلت لجنة للتواصل مع الفاعلين في المناطق التي تعرضت للإغلاق، معبراً عن أمله التوصل إلى “حل” قريباً.
وقد تكرّرت عمليات إغلاق الحقول والموانئ النفطية طيلة السنوات الماضية بسبب احتجاجات عمالية أو تهديدات أمنية أو حتى خلافات سياسية، وتسببت في خسائر تجاوزت قيمتها 100 مليار دولار، بحسب البنك المركزي.
ويعد “الإغلاق القسري” مطلع 2020 الأبرز، في خضم حرب أهلية. حينها فرض المشير حفتر حصاراً على النفط في نفس المواقع الحالية المغلقة، لكن فشل هجومه على طرابلس بعد بضعة أشهر أقنعه بالتخلي عنه.
وتسبب الإغلاق آنذاك خسائر مالية قدرت بنحو 10 مليارات دولار. وقال عون إنّ “ليبيا بلد غني بالموارد الطبيعية مثل الذهب واليورانيوم وطاقة الشمس والرياح”، داعياً إلى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والمساهمة في خفض الانبعاثات التي تؤثر على المناخ.
بالإضافة إلى الإغلاق القسري لمنشآت نفطية، يتسم قطاع النفط بتوتر شديد بين رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله والوزير المسؤول.
وقد حاول الوزير عون في الأشهر القليلة الماضية إنهاء عمل صنع الله من دون جدوى، في حين أنّ الأخير أثبت نفسه كمحاور مفضل للشركاء الأجانب.
وحول هذا الخلاف، قال عون إنّ “صنع الله لا يحترم القوانين التي تحكم القطاع ويتجاوز صلاحياته المحددة ويدعي أنه يحظى بدعم دول أجنبية”.
في فبراير، دعت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا إلى إبقاء قطاع النفط الليبي في منأى عن الخلافات السياسية، والحفاظ على “طبيعته غير السياسية”. لكن هذه الدعوات سرعان ما يتجاهلها القادة الليبيون، الذين يراهنون على ورقة النفط بهدف تحقيق “مكاسب سياسية”.