الحرة-
بعد مرور أكثر من عام على تفشي جائحة كورونا من الصين لينتشر حول العالم، لا يزال أصل الفيروس التاجي ومنشأه لغزا محيرا حتى اليوم.
في عام 2017، حذر دبلوماسيون ومسؤولون أميركيون الإدارة السابقة من خطر معهد ووهان، مؤكدين أن “علماء المختبر الصيني أبلغوا عن نقص خطير في الفنيين والمحققين المدربين بشكل مناسب اللازمين لضمان احتواء الفيروسات بأمان”.
ونقلت مجلة “بوليتيكو” عن أحد الأميركيين الذين زاروا معهد ووهان لعلم الفيروسات قبل سنوات من الوباء قوله: “كنا نحاول التحذير من أن هذا المختبر يمثل خطرا جسيما”، مضيفا: “كنت على اعتقاد بأنه من الممكن تفشي فيروس أشبه بالسارس مرة أخرى. كنت أعلم أنه سيتحول إلى أكبر جائحة في تاريخ البشرية”.
لكن برقيات التحذير التي نشرت في أبريل من عام 2020، لم تحصل على الاهتمام المطلوب من واشنطن.
وتصر الصين في بادئ الأمر على أن فيروس كورونا المستجد المعروف علميا باسم (SAR-CoV-2) تفشى من سوق للمأكولات البحرية في ووهان، وهي القصة المقبولة على نطاق واسع، لكن بكين تراجعت عن ذلك ووزعت اتهامات على إيطاليا والولايات المتحدة.
واستبعد خبراء منظمة الصحة العالمية الذين زاروا الصين في يناير لبحث منشأ المرض، فرضية تسرب الفيروس التاجي من معهد ووهان لعلم الفيروسات القريب من سوق المأكولات البحرية، لكن المدير العام لمنظمة الصحة أكد في وقت لاحق أن “كل الفرضيات ما زالت مطروحة على الطاولة”.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غبريسوس، أن فريق الخبراء الذي تم إرساله إلى ووهان للتحقيق في منشأ وباء كوفيد-19 سيصدِر تقريره في الأسبوع الذي يبدأ يوم 15 مارس.
قصة التحذيرات
في أواخر 2017، حضر كبار مسؤولي الصحة والعلوم في سفارة الولايات المتحدة لدى بكين مؤتمرا في العاصمة الصينية، حيث شاهدوا عرضا تقديميا لدراسة جديدة أعدتها مجموعة من العلماء الصينيين، بما فيهم علماء من معهد ووهان، وذلك بالاشتراك مع المعاهد الوطنية الأميركية للصحة.
ومنذ تفشي السارس عام 2002 في الصين، وهو المرض القاتل الناجم عن فيروس كورونا المنتقل عن طريق الخفافيش، كان العلماء في جميع أنحاء العالم يبحثون عن طرق للتنبؤ والحد من تفشي الأمراض المماثلة مستقبلا.
وللمساعدة في هذا الجهد، مولت المعاهد الوطنية للصحة عددا من المشاريع التي شارك فيها علماء معهد ووهان، بما في ذلك الكثير من العمل مع فيروسات الخفافيش التاجية.
وعلم المسؤولون الأميركيون أن هؤلاء الباحثين الصينيين وجدوا مجموعة من الخفافيش داخل كهوف في مقاطعة يوننان، والتي أعطتهم نظرة ثاقبة حول كيفية نشأة فيروس سارس وانتشاره.
لكن اهتمام الدبلوماسيين الأميركيين انصب على اكتشاف الباحثين لثلاثة فيروسات جديدة لها خاصية فريدة، وهي البروتين الشائك (النتوءات الشوكية)، الذي يملكه أيضا فيروس كورونا الحالي.
ويتميز البروتين الشائك بمنح خاصية إضافية للفيروس للإمساك بخلايا الرئة البشرية، الأمر الذي يسبب خطرا على حياة الإنسان.
ولهذا، قرر مسؤولو الصحة والعلوم في السفارة الأميركية لدى بكين الذهاب إلى ووهان والتحقق من ذلك.
وأرسلت السفارة 3 فرق من الخبراء في أواخر عام 2017 وأوائل عام 2018 للقاء علماء معهد ووهان، من بينهم شي جينجلي، التي تملك خبرة واسعة في دراسة فيروسات كورونا الموجودة في الخفافيش.
عندما جلسوا مع علماء المختبر الصيني، صُدم الدبلوماسيون الأميركيون بما سمعوه، حيث أخبرهم الباحثون الصينيون أنهم ليس لديهم ما يكفي من الفنيين المدربين بشكل صحيح لتشغيل المختبر بأمان، وطلب علماء ووهان مزيدا من الدعم لجعل المختبر يرقى إلى أعلى المعايير.
كتب الدبلوماسيون برقيتين إلى واشنطن حول زياراتهم لمختبر ووهان، وقالوا إنه ينبغي بذل المزيد لمساعدة المختبر على تلبية أعلى معايير السلامة، وحثوا واشنطن على القيام بذلك، كما حذروا من اكتشاف جديد لفيروسات كورونا لدى الخفافيش، يمكن أن تصيب الخلايا البشرية بسهولة.
لكن لم يكن هناك أي رد من وزارة الخارجية الأميركية تجاه هذه البرقيات التي تسربت للعلن في أبريل 2020 بعد تصنيف المرض كوباء عالمي.
ومع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين على مدار عام 2018، فقد الدبلوماسيون الأميركيون إمكانية الوصول إلى المعامل مثل المختبرات الموجودة في ووهان.
وفي الأيام الأخيرة للإدارة السابقة يناير الماضي، أصدر وزير الخارجية السابق، مايك بومبيو، بيانا يؤكد أن الاستخبارات الأميركية لديها أدلة على إصابة باحثين في معهد ووهان بأعراض مشابهة لكوفيد-19 خلال خريف عام 2019، ما يعني أن الحكومة الصينية أخفت معلومات مهمة متعلقة بتفشي المرض قبل عدة أشهر.