اخبارالرئيسيةفضاءات

أكبرهن بعمر تسع سنوات وأصغرهن بعمر أربع سنوات.. فتيات ليبيات لم تدرج أسماؤهن في منظومة السجل المدني

والد الفتيات يتهم موظفي السجل المدني بالتعنت. والسجل المدني يرد: نحن جاهزون فهات الأوراق

الناس-

“الأميرة سعاد، أنس، أهيلة، آي نور” أربع فتيات ليبيات من أبوين ليبيين، أكبرهن بعمر تسع سنوات، وأصغرهن بعمر أربع سنوات، جميعهن لم تدرج أسماؤهن في السجل المدني بعد، وليس لديهن أية وثائق لأي شيء!

هي القضية التي وعدت الصحيفة في عدد سابق بإثارتها عندما تستوفي المعلومات الخاصة بها، وقد استمعنا إلى والد الفتيات “عادل المغربي” الذي يتهم مكتب السجل المدني ذات الرمال بالتعنت- واللفظ له- في تسجيل بناته، وكان لزاما أن نستمع لممثلي المكتب والذي يتهم المغربي بعدم استيفاء الوثائق المطلوبة على بساطتها!!

في هذا التحقيق الصحفي سنخوض في هذه القصة الإنسانية وتفاصيلها، وستكون البداية من عند المواطن “عادل محمد رمضان المغربي”.. وروايته للأحداث من زاويته..

لجنة ساقطي القيد

ولدت “الأميرة سعاد” يوم 16 مارس 2016م، تأخر والدها في تسجيلها فترتب عليه دفع غرامة، دفعها وفقا للإجراءات المعمول بها، وبسبب التأخر في التسجيل أيضا كان عليه الحصول على ورقة من لجنة قيد ساقطي القيد.

الرواية حتى الآن للمواطن عادل المغربي والد “الأميرة سعاد” التي لم يدرج اسمها حتى الآن في منظومة مصلحة الأحوال المدنية؟ سنسأل عادل بداية عن سبب التأخر في إتمام إجراءات التسجيل وسيجيب بأنه مرّ بعارض صحي، منعه حتى من حضور الولادة.

فماذا بعد دفعك للغرامة وحصولك على الورقة المطلوبة من لجنة قيد ساقطي القيد؟

يقول عادل في طلب تقدم به إلى دائرة الأمور الولائية بمحكمة مصراتة الجزئية: “تقدمت للسجل المدني مصراتة بشأن تسجيل طفلتي الأولى المسماة “الأميرة سعاد من مواليد 16/ 3/ 2016م) وذلك بعد أن فاتتني المدة القانونية لقيد واقعة ميلادها في السجل المدني المختص، وبناء على ذلك فقد قمت بتقديم طلب إلى لجنة ساقطي القيد بتاريخ (7/ 1/ 2018م) تحت رقم (1/ 2018) وقمت أيضا بدفع الغرامة المالية المفروضة عليّ قانونا بسبب التأخير في القيد، وقد سجل بناء على قرار لجنة ساقطي القيد بالتاريخ المذكور أعلاه”.

يتابع عادل: “وبالرغم من ذلك فإن أمين السجل المدني الخدمي ذات الرمال لم يقم بتسجيل ابنتي الأولى المسماة أميرة، وبقت بدون تسجيل بالرغم من عديد مراجعاتي المتكررة للمكتب المدني المختص لغرض تسجيلها وقيدها”.

دخول المدرسة

لم تنته القصة هنا، فقد رزق عادل بثلاث بنيات أخريات ولم يقم بتسجيلهن، يقول في طلبه المشار إليه: “بعدها رزقني الله تعالى بكل من بناتي (أُنس وأُهيلة وآينور) ولم أستطع تسجيلهن لعدم تسجيل ابنتي الأولى في السجل المدني، وقد تضررت من تعنت المطلوب ضدهم، وامتناعهم عن تسجيل بناتي من ذلك أشد الضرر، مع العلم أن ابنتي الأولى (..) قد دخلت المدرسة شأنها شأن قريناتها ومن هن في نفس عمرها ولكن بدون مستندات، وكما تعلمون سيادة القاضي فإن عدم تسجيل بناتي حرمهن من كافة حقوقهن المدنية، والمتمثلة في حرمانهن من قيد أسمائهن بالسجل المدني، وكذلك من استخراج الرقم الوطني وجواز السفر والإقامة، ومن الوضع العائلي، وما يترتب على ذلك من أضرار بالغة عليهن”.

أمر ولائي

هذه ملخص قصة عادل وبناته الأربع، رأت الصحيفة أن تأخذها من وثيقة أمدنا بها بنفسه، بعد أن التقيناه في مقر الصحيفة، وقد أمرت المحكمة بناء على طلبه هذا “الممثل القانوني لمصلحة الأحوال المدنية مكتب إصدار ذات الرمال بتسجيل بنات مقدم الطلب (…) وإدراجهن في القيد الخاص بوالدهن، وكذلك في منظومة الرقم الوطني شرط استيفاء الإجراءات المطلوبة للتسجيل مع شمول الأمر بالنفاذ المعجل”.

وقد وضعت الصيغة التنفيذية على هذا الأمر الولائي لأول مرة بناء على طلب مقدم الطلب عادل محمد رمضان المغربي بتاريخ (31/ 1/ 2013)..

وهذا الأمر الولائي أمدنا ضيفنا بصورة منه أيضا.

إفادة من قسم اللغة العربية

حتى هنا فالأمور واضحة ومتسلسلة منطقيا، ولمن لم يركز على الأرقام، فالأميرة سعاد ولدت في العام 2016، والأمر الولائي صدر في 2023 أي بعد مولدها بسبع سنوات، كما أن إجراءاتها وإجراءات أخواتها لم تتم بعد ونحن اليوم في العام 2025، والطفلة في الصف الرابع الابتدائي كما أخبرنا والدها.

سنسأل عادل عن سبب عدم قبول مكتب ذات الرمال تسجيل بناته حسب تقديره، وسنطرح هذا السؤال لاحقا على مسؤولي المكتب حتى نستوفي جوانب القصة.

يعتقد عادل أن أسماء بناته كانت أول عائق حال دون تسجيلهن، لذلك أحضر إفادة من قسم اللغة العربية بجامعة مصراتة يفيد بأن الأسماء عربية ولا تحفّظ عليها، ويظن أن حجة منع الأسماء المركبة لا يوجد ما يسندها قانونا، والأمر الآخر هو عدم قبول منظومة مصلحة الأحوال المدنية للأسماء. ويرى أنها حجج واهية.

يقول عادل إن حالته النفسية سيئة بسبب هذه القصة، وإن بناته اللواتي التحقن بالمدارس لم يتحصلن على وثائق نجاحهن أسوة بزملائهن، وإن استخراج وثائق السفر موقوفة بالنسبة لهن. كذلك منحة الأبناء وغيرها من الحقوق.

ولازالت القضية منظورة أمام القضاء، وفي آخر اتصال هاتفي الأسبوع الماضي قال محدثنا إنه سيطلب هذا الشهر حجز القضية للحكم.

السجل المدني ذات الرمال

صحيفة الناس طرقت يوم الخميس (08 مايو 2025) باب مكتب السجل المدني ذات الرمال دون موعد مسبق، لكي يعلق مسؤولوه على الموضوع، وعن سبب تأخر تسجيل الفتيات الأربع.

أبدى السيد عبدالسلام الشيباني السويحلي- مدير مكتب إصدار الرميلة (يشمل مركز إصدار ذات الرمال وشهداء الرميلة)- استعداده للرد، كما أبدى استياءه مما وصفه بالمغالطات التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي محتفظا بحقه في الملاحقة القانونية لمن أساؤوا إليه.

السويحلي قال للناس إنه أمين مكتب الإصدار، ولا علاقة له بتسجيل المواليد، فلماذا يُذكر اسمه أساسا؟ وقال إن أمين المكتب الخدمي ذات الرمال هو المعني بالتسجيل. وقد اتصل به لينضم إلينا.

انضم إلينا في المكتب السيد علي ارحومة أمين المكتب الخدمي ذات الرمال بعد دعوته، والمعني بتسجيل المواليد، وستكون للضيفين قصة مغايرة.

توضيح أول

يقول ارحومة، المشكلة الوحيدة لدى والد الفتيات “عادل المغربي” حتى الآن في “الأميرة سعاد”، وكان بإمكانه تسجيل البنات الثلاث الأخريات. لماذا لا يفعل؟

لا شيء يمنع من تسجيل الصغرى قبل الكبرى؟- سؤال.

أبدا. لا شيء يمنع.

وإذا ما هي المشكلة في تسجيل “الأميرة سعاد”؟- سؤال

“رسل”، أو “الأميرة سعاد”؟

نعود للأميرة سعاد –والكلام للضيفين- فعندما كان على “عادل” إحضار إفادة من لجنة قيد ساقطي القيد، فقد أحضر إفادتين.

يعلق السويحلي: “هي نفس الإفادة، نفس الطلب، نفس التاريخ، وكل البينات متطابقة، ما عدا الاسم، فقد ورد مرة باسم “الأميرة سعاد” ومرة باسم “رسل”، فأيهما نأخذ به؟ فحالة الولادة فردية وليست توأم وفق الوثيقة نفسها. وقعنا في إشكال، وطلبنا منه أن يسوي هذا الأمر من عند اللجنة، فتغيير الاسم لا يتم إلا بحكم محكمة. وإلا صرنا مزورين وتحملنا تبعات قانونية”.

بلاغ ولادة!

وتعليقا على الأسماء يقول ارحومة: “بالنسبة للاسم، فليس لنا علاقة باختياره، لكن كانت لدينا منظومة، مدرج بها أسماء، ولا نستطيع الإضافة أو الحذف، فإذا تطابق الاسم مع ما هو موجود في المنظومة فذاك، وإلا فسيكون دورنا هو إحالة رسالة لمصلحة الأحوال المدنية بطرابلس”.

يتابع ارحومة: “لحسن الحظ هذه تجاوزناها الآن، فقد صار بإمكان فرع المصلحة بمصراتة إضافة الأسماء. لكن دعنا نصل إلى مرحلة إدخال الاسم، الإشكال أن عادل حتى الآن لم يصل إلى مرحلة الإدراج في المنظومة، لأنه لم يحضر لنا بلاغ ولادة وهي أول خطوة!”

 

فماذا عن الأمر الولائي؟

القاضي أمر بتسجيل البنات الأربع “بشرط استيفاء الإجراءات المطلوبة للتسجيل”!- وهذا بنص الأمر الولائي.

وحسب رواية الضيفين هنا فإن والد البُنيّات لم ينجز الإجراءات المطلوبة منه، ولو أنجزها فإن إتمام المعاملة لا يستغرق أكثر من عشر دقائق.

يقول الضيفان في حالات “أنس وأهيلة وآي نور” فإن بإمكان والدهن إتمام إجراءاته، وليس مطلوبا منه إلا بلاغ الولادة، وإفادة من لجنة قيد ساقطي القيد بشكل قانوني.

وبالنسبة للأميرة سعاد، فإن عليه تسوية الأمر من لجنة ساقطي القيد. حتى لا نقع في مطب قانوني.

 

 

القصة لم تنته. وهي لازالت منظورة في المحكمة في مسارها القانوني. أما في الجانب الإنساني فإن جلسة ودية ربما بإمكانها أن تنهيها، لتأخذ البنيات أقل حقوقهن المدنية وأولها، وأرقامهن الوطنية بجوار أشقائهن الأربعة الذكور.

سنحاول متابعة تطورات القصة، فمهما كان الخطأ ومن يكون المخطئ، فإنه لا ينبغي أن تدفع الأميرة وأخواتها الثمن. ولنا عودة..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى