العربي الجديد-
في آخر مستجدات معاناة طلاب المدارس الحكومية في ليبيا، إعلان وزارة التربية والتعليم في حكومة الوحدة الوطنية، في بيان، أن مسؤولي مدارس للمرحلة الابتدائية تعمّدوا إقفال الأبواب في نهاية اليوم الدراسي، وترك أطفال ينتظرون قدوم أولياء أمورهم، بلا أي مرافقة.
وفيما دعت الوزارة المشرفين الاجتماعيين في المدارس إلى الاضطلاع بأدوارهم ومسؤولياتهم تجاه التلاميذ وأولياء الأمور، والتعامل مع الأمور بعناية وجدية، تقول صالحة محمد لـ”العربي الجديد”: “وجدت ابني الطالب في المرحلة الإعدادية خارج سور مدرسته في طرابلس، وهو ما تكرر أكثر من مرة، في تصرف تبرره إدارة المدرسة بتأخر أولياء الأمور فترة طويلة في الحضور لتسلم أبنائهم بعد انتهاء اليوم الدراسي، علماً أنني لم أتأخر أكثر من نصف ساعة في كل مرة وجدت فيها ابني خارج سور المدرسة”.
ولم تكشف صالحة اسم المدرسة خوفاً من موقف إدارتها تجاه ابنها. وأوضحت أن ابنها في سن متوسطة، وربما يستطيع تدبير أمره، “لكن ماذا عن الأطفال في المرحلة الابتدائية الذين يقف جيران لموقع المدرسة إلى جانبهم حتى حضور أولياء أمورهم؟”.
ولا ترى صالحة في خطاب وزارة التربية والتعليم في حكومة الوحدة الوطنية أي رادع أمام تصرفات المدارس التي تتهمها بأنها “باتت تفتقد الأسس التربوية في التعليم”. وهي تطالب الوزارة بمعاقبة هذه الإدارات وسن عقوبة ثابتة في المسألة، وتشير إلى أن السلطات تتحمل مسؤوليات كبيرة أيضاً “فحالات الازدحام والاكتظاظ تجعل ولي الأمر الذي يكون موظفاً عادة لا يصل بسرعة إلى مدرسة طفله، وإلا من سيسمح بأن يُترك طفله وحده أمام سور المدرسة؟!”.
وفيما يقرّ مدير مدرسة القدس للتعليم الأساسي، عامر عبد الدائم، في حديثه لـ”العربي الجديد”، بانحدار مستوى العملية التعليمية وفقدانها الكثير من المقومات، يلفت إلى أن “تلاميذ المدارس يواجهون صعوبات جمّة لا تقتصر على إشكالات إقفال بعض الإدارات أبواب المدارس، وتركهم وحدهم أمام أسوارها”. ويقول لـ”العربي الجديد”: “ليست هذه الحالة ظاهرة منتشرة، بل تشمل بعض المدارس فقط، ويجب أن نقرّ بأن أولياء الأمور يشاركون فيها أحياناً، فبعضهم لديهم القدرة على استئجار حافلات لأولادهم لإرجاعهم إلى البيوت بدلاً من الانتظار في مكانهم”.
وأشار عبد الدائم إلى صعوبات أخرى يواجهها التلاميذ والتي تحوّلت إلى ظواهر منتشرة، بينها “بقاء مئات من التلاميذ بلا كتاب مدرسي مع قرب انتصاف العام الدراسي، ونسأل ما سبب ذلك، وهو ما لم توضحه الوزارة حتى الآن، رغم أنها كانت وعدت سابقاً بأن شهر نوفمبر الماضي لن ينتهي إلا بتوفير الكتاب المدرسي لكل الطلاب”.
وأكد عبد الدائم أن “غالبية التلاميذ يدرسون من دون كتاب مدرسي، في حين تستطيع بعض المدارس التي تتمتع بحظوة الوصول إلى مسؤولي مخازن التعليم الحصول على الكتاب المدرسي لطلابها، أما غالبية المدارس فلم تحصل عليه بسبب النقص الحاد في الكميات المتوفرة”.
ويوافق على الشويقي، ولي أمر تلميذين في المرحلة الابتدائية والثانوية، على “وجود عراقيل تواجه طلاب المدارس، وباتت أمراً واقعاً من دون حل، وتتعلق بالنقص الحاد في معلمي بعض المواد العملية، سواء الكيمياء أو الفيزياء أو الأحياء أو الرياضيات وغيرها، وبعض من يدرّسون هذه المواد قد يكونوا خريجين جامعيين في تخصص الهندسة، وليسوا خريجين لتدريسها. ومن العراقيل أيضاً عدم وجود تقييم لمدرسي هذه المواد، ما يجعل التلاميذ يعانون من عدم قدرتهم على فهم المعلومات”.
ويتحدث الشويقي أيضاً عن “القرارات العشوائية الخاصة بتعليق الدراسة أحياناً لأسباب الحروب أو البرد القارس والمطر التي تمنع التلاميذ من إكمال المقرر الدراسي، وكذلك عن عدم قدرة المدرّس غير المؤهل على إيصال المعلومات للتلاميذ الذين يجدون أنفسهم في نهاية العام أمام امتحانات صعبة تفتخر الوزارة بأن النسب المتدنية للناجحين فيها مردها إلى نزاهتها، في حين أن الواقع غير ذلك”.
وتعود صالحة إلى الحديث عن التقصير الحكومي، وتقول إن “السلطات لم تتجاوب حتى الآن مع مخاوف الأهالي بشأن الأمراض المنتشرة في البلاد، ومنها فيروس لا نعرف حتى الآن هل هو التهاب سحايا أو الفيروس المخلوي التنفسي، وكيفية علاجه”. وتشير إلى “عدم التفات السلطات إلى خطر انتشاره بين التلاميذ، ومنهم إلى شرائح المجتمع كافة”.
وإثر إعلان انتشار مرض مجهول في مناطق الجنوب، لا سيما الكفرة وسبها، اكتفى رئيس المركز الوطني لمكافحة الأمراض الحكومي بنشر تدوينة على حسابه الخاص على “فيسبوك” نفى فيها وجود أمراض مجهولة، مؤكداً أن “ما ينتشر في الكفرة هو الفيروس التنفسي المخلوي، وفصل الشتاء موسم عادي لانتشاره”.
وتعلق صالحة بالقول: “نشاهد كل يوم حديثاً في وسائل الإعلام عن خطر هذا المرض، وأن أعراضه تشبه تلك لكورونا، لكن حكومتنا لم تتحدث بوضوح عنه، وماذا يجب أن يفعله التلاميذ لتجنّب مخاطره عليهم. وبعض المدارس فرضت على طلابها لبس كمامات، لكن ماذا عن باقي الإجراءات الاحترازية؟ ألا يجب أن تتكلم الحكومة عن هذا المرض المجهول”.