العربي الجديد-
تشتكي أسر ضحايا وجرحى الحروب في ليبيا من استمرار الإهمال الحكومي والرسمي، رغم المطالب المتكررة بضرورة تأمين حقوقها، وضمان استكمال علاج الجرحى. ويتحدث يحيى أبو غجمة، وهو ابن أحد ضحايا الحرب عام 2014، عن تلقيه وعوداً كثيرة من وزارة رعاية أسر الشهداء في الحكومة المؤقتة بطرابلس، على امتداد حكومات متتالية، ويقول لـ”العربي الجديد”: “كنت في الـ15 من العمر حين قتل والدي في إحدى المعارك بطرابلس.
وفي العام التالي انتظرت حصولي على الشهادة الإعدادية كي أسافر للدراسة في الخارج بحسب وعد قدمته لنا وزارة رعاية أسر الشهداء حينها، لأننا أبناء شهداء، ولدينا أولوية إرسالنا للدراسة في الخارج. والآن، أنا في السنة الأخيرة بجامعة طرابلس، ولا يزال اسمي ضمن هذه القائمة التي لم تبصر النور”.
يضيف متحدثاً عن أوضاع أسرته، حيث يعيش مع أمه وأخته الصغرى: “توقف راتب والدي كمعلم بعد وفاته، وقضينا أكثر من عام من دون دخل للعيش، حتى جرى تحويل الراتب الى هيئة الضمان. ولولا أن والدي ترك لنا محلاً يوفر ايرادات لكانت ظروفنا صعبة، إذ لا تتكفل وزارة الشهداء بمتابعة إجراءات ضحايا الحروب القانونية وتسهيلها، بل فقط بصرف منح شهرية متقطعة. ومرت أحياناً أكثر من سنتين من دون أن يصل إلينا أي شيء منها. وتبلغنا الوزارة حين لا تدفع مستحقات لأشهر محددة أنها ستسددها لاحقاً”.
ويخبر أبو غمجة أن أوضاعه مريحة بخلاف بعض معارفه، “إذ يعيش كثير من أسر المفقودين من دون رواتب، والوزارات والحكومات لم تتقدم بأي مشروع لإقرار تشريع خاص بالمفقودين الذين لا يقيدون في سجلات المتوفين، ما يعني عدم إحالة اجراءاتهم إلى هيئة الضمان كي تصرف رواتبهم للأشخاص الذين كانوا يعيلونهم”. وإلى الظروف المعيشية لأسر الضحايا، يشتكي جرحى الحروب من إهمال حقوقهم في تلقي العلاجات المطلوبة، بحسب ما يقول باسم العالم، أحد جرحى الحرب في طرابلس، لـ”العربي الجديد”، ويضيف: “شاركت عائلات جرحى في احتجاج أمام مقر الحكومة في طرابلس في مارس/ آذار الماضي، وكشفت بعضها وجود أكثر من جريح ضمن أفرادها، علماً أن إحدى الأمهات اصطحبت معها وثائق أظهرت إصابة أولادها الثلاثة خلال الحروب، ولم يحصلوا على علاج في الخارج”.
ويعلّق أن “الجميع صمت عندما تحدثت هذه الأم وقالت إنها تعمل في خدمة منازل في سن متقدمة كي توفر لقمة العيش لأفراد أسرتها، ونصفهم معوقون بسبب الحروب، وتشتري لهم بعض الأدوية. وحصلت هذه الأم لاحقاً على مساعدات قدمها خيّرون بدلاً من أن يحصل أبناؤها على حقوق تلقي العلاج برعاية السلطات”. يتابع: “حتى الأشخاص الذين يمنحون فرصة تلقي علاج في الخارج ويتركون أسرهم خلفهم يواجهون مشاكل توقف المنح المالية الخاصة بالعلاجات في أحيان كثيرة، فتضطر أسرهم إلى جمع الأموال بأي طريقة وإرسالها إليهم كي يستكملوا العلاج. وفي الكثير من الأحيان، تعجز أسر المصابين عن مواصلة الإنفاق على العلاجات”.
وفيما أكد مدير جمعية عملية “بركان الغضب” محمود الدليح، في احتجاج نظمه مصابو حروب في طرابلس، استياءه من “تردي أوضاع الجرحى في ظل غياب دعم الجهات المسؤولة”، تبدو أوضاع الجرحى شرق ليبيا أكثر سوءاً، بحسب تصريحات أدلى بها رئيس لجنة تسيير شؤون الجرحى في مليشيات حفتر نوري العقيلي.
وفي مارس الماضي، صرح العقيلي أن “لا علاج في الداخل أو الخارج لجرحى عملية الكرامة، ولا ميزات لهم”. وكشف دهم مليشيا تابعة لحفتر مقر اللجنة في بنغازي وإغلاقه. أضاف: “زاد عدد الجرحى المتوفين بسبب عدم توفر علاج لهم، وكل من يتحدث عن وضعه وحالته يتعرض لخطف أو يسجن. ولا اهتمام من القيادة العامة (قيادة مليشيات حفتر)، ولا من حكومة فتحي علي عبد السلام باشاغا، رغم أننا خاطبنا مجلس النواب والقيادة العامة”.
وفي حديث سابق لـ”العربي الجديد”، اتهم حازم الشلوي، أحد جرحى الحروب في بنغازي، القائمين على لجان العلاج بـ”نهب المخصصات المالية”. وأكد أن صعوبات تواجه علاج جرحى الحروب، وتتعلق بتأثير الانقسامات السياسية في السفارات ولجان العلاج، وقال: “بعض السفارات لا يوجد فيها مندوب عن القيادة العامة (قيادة حفتر)، ومندوب الحكومة في غرب البلاد يرفض في العادة قبول جرحى الحروب من مناطق الشرق. وقد أخرج جريح من بنغازي من مستشفى كان يعالج فيه بعدما تسلم مندوب جديد من المنطقة الغربية ملف العلاج في إحدى السفارات، والذي رفض الاستمرار في صرف المستحقات”.