اخبارالرئيسيةعيون

أسئلة “الآداب” في ليبيا

العربي الجديد-

ما زالت تصريحات وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، عماد الطرابلسي، حول عزمه إنشاء جهاز لفرض الآداب العامة، تثير الجدل في الأوساط الليبية وغير الليبية، خصوصاً أن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة تلاه بكلام لم يُفهم منه سوى الإقرار بوجود هذا الجهاز، لكن بوجه آخر.

كان الدبيبة يتكلم مع نشطاء من الشباب بلهجة ركيكة إلى حدّ لم تتابع وسائل الإعلام كلامه لعدم وضوحه، لكن ما فُهم منه تأكيده وجود هذا الجهاز، وسمّاه “الإدارة العامة لحماية الآداب العامة”، فتنفس الكثير من المراقبين الصعداء، لأنه خفف من حدة الجدل بأن أوحى أن الجهاز مهامه “حماية” الآداب وليس “فرض” الآداب كما عبّر الطرابلسي.

إلى هنا يبدو أن الحكومة تجاوزت جدلاً آخر، بعد سلسلة الجدل السابقة التي أثارتها تصريحات وزرائها في السابق، كتصريحات وزير التعليم عمران القيب العام الماضي عن عدم حاجة الشباب الليبي للتعليم، بل لـ”التكاثر”، في إطار دعمه لمبادرة صندق الزواج الحكومي. لكن الأمر هنا مختلف، فهو يمسّ حريات المواطن والسعي لتضييقها وخنقه تحت ذرائع لا وجود لها، كمحاولة الطرابلسي تبرير إنشاء جهاز لفرض الحجاب، المعروف أن غالبية نساء ليبيا ملتزمات به سلوكاً اجتماعياً راسخاً.

وبرزت العديد من الأسئلة المحرجة للحكومة والمقلقة لراحتها أيضاً، ومنها: إذا كانت الآداب العامة قائمة على قيم مجتمعية لا خلاف على ضرورة مكافحة من يتهددها، فأين جهاز مكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين؟ أليس الفساد ظاهرة مستشرية إلى حد كبير في كل مؤسسات الدولة ومفاصلها، وآخرها بيع أدوية فاسدة لمرضى الأورام السرطانية عبر جهاز حكومي رسمي تسبّبت في مضاعفات خطرة لهم، وأطفال ضمور العضلات الذين تُسجل بينهم وفيات كل يوم بعد أن سُرقت أموال علاجهم جهاراً نهاراً في وزارة الصحة؟ وهل من القيم المجتمعية والآداب العامة سلوكيات المسلحين المشينة التي لا يخلو منها زقاق ولا شارع ولا حيّ في طرابلس وغيرها؟

يتساءل البعض: أين أجهزة ضبط الآداب من الحملات الواسعة التي أطلقتها الشرطة التابعة لحفتر، والتي تقبض على كل مخالف لتوجهات حفتر وتعذبه قبل أن تظهره في فيديوهات عبر المنصات الرسمية وهو يقر بممارسة فعل السحر والشعوذة، في محاولة لخلق تهم مضحكة تطاول كل من ينتقد أي تصرف لحفتر؟ عنوان كل هذه الأسئلة واحد: هل يعتبر الطرابلسي والدبيبة مثل هذه السلوكيات من بين الآداب التي يجب فرضها أو المحافظة عليها؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى