اخبارالرئيسيةعيون

أدوية مغشوشة تهدد حياة مرضى الأورام في ليبيا

العربي الجديد-

تزيد قضية الأدوية المغشوشة المعاناة التي يعيشها مرضى الأورام في ليبيا منذ سنوات طويلة، وتفجرت القضية في نهاية سبتمبر الماضي، عندما أرسل المعهد القومي لعلاج الأورام في مدينة مصراتة بلاغاً إلى الحكومة في طرابلس عن توريد وتوزيع أدوية مغشوشة ومجهولة المصدر، وطالب بضرورة إحالة القضية الى مكتب النائب العام لمحاسبة المسؤولين عن توريد هذه الأدوية.

وأبلغ المعهد القومي لعلاج الأورام الحكومة أن اللجنة العلمية في قسم الباطنة وأمراض الدم بالمعهد رفضت قبول الأدوية التي استوردها جهاز الإمداد الطبي الحكومي، بعدما تسببت في إصابة مرضى الأورام بأعراض حساسية وأخرى ساهمت في تطوّر المرض لديهم. وأوضح أن هذه الأدوية جرى استيرادها من شركات هندية وقبرصية وتركية ومالطية غير معروفة، مشدداً على ضرورة أن يحصل الاستيراد من شركات موثوقة.

في المقابل، نفت وزارة الصحة في حكومة الوحدة الوطنية التي تشرف على جهاز الإمداد الطبي مسؤولية الشركات التابعة لها عن توريد أدوية مجهولة، وأشارت إلى أن الشركات التي ذكرها بلاغ معهد الأورام في مصراته لم تستورد هذه الأدوية. كما نفت وزارة الصحة تلقي خطابات من المعهد القومي لعلاج الأورام للتحذير من هذه الأدوية قبل إرسال البلاغ، وأعلنت تشكيل لجنة تقصٍ تضم خبراء لمتابعة مصدر الشكوى، وحصر الأدوية وتقديم تقارير دقيقة حول الموضوع.

وتعد أمراض الأورام من الملفات الأساسية التي توليها الحكومتان في طرابلس وبنغازي. واتخذت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس إجراءات وخطوات لمعالجة الملف الذي يحضر في مشهد البلاد منذ نحو 13 عاماً شهدت ايفاد مئات من المرضى للعلاج في الخارج، كما أطلقت في ديسمبر الماضي منصة إلكترونية لتسجيل مرضى الأورام.

وفي اجتماع عقدته حكومة الوحدة الوطنية نهاية أكتوبر الماضي، شدد رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة على ضرورة توفير أدوية ذات جودة عالية من الشركات العالمية لمرضى الأورام الذين طالب بتوجيههم للتسجيل في المنظومة ومتابعة الحالات غير القادرة على التسجيل.

وفي إقرار ضمني بوجود فساد في ملف الأدوية، شدد الدبيبة على ضرورة أن “تكثف جهات الرقابة لدعم لجنة العطاء الدائم والسماح لها بأداء مهماتها من أجل القضاء على الفساد والمحاباة في توريد الأدوية، ومنح الوكلاء المحليين الرسميين فرصة التعامل مع الشركات العالمية الموثوق بها لتوريد أدوية الأورام”. ونقل بيان حكومة الوحدة الوطنية عن الهيئة الوطنية لمكافحة السرطان قولها إن “عدد المسجلين في منظومة حصر مرضى الأورام بلغ 17.362، وهم يتلقون الأدوية بحسب المنظومة وبياناتها”.

 

وبين تقارير معهد الأورام في مصراته عن استيراد أدوية مغشوشة ونفي حكومة الوحدة الوطنية، يبدي طبيب الأورام رجب السهولي حيرته، ويقول لـ”العربي الجديد: “يضم معهد مصراته كفاءات وطنية كبيرة، ولا يمكن أن يُصدر بلاغاً عن وجود أعراض جانبية للأدوية التي أعطيت لمرضى إلا في حال رصدها وإثبات ذلك عملياً. أسأل الحكومة من ورّد شحنة الأدوية المغشوشة، وكيف جرى توزيعها عبر جهاز الإمداد الطبي؟”.

ويلفت السهولي إلى وجود قصور في عمل وزارة الصحة يتعلق بعدم تحديث القائمة النمطية لأدوية مرضى الأورام، ويقول: “تجب مواكبة التطور المستمر في الأورام وتوفير أدويتها، فعدم حصول ذلك يجعل المرضى يقصدون الصيدليات والشركات التي توفر أدوية غير صالحة ومجهولة المصدر، وهو أمر لا يمكن تبرئة أي حكومة من مسؤوليته، فالشركات والصيدليات موجودة في البلاد وتمارس عملها في وضح النهار”.

من جهته، يرى منير أبو حسينة، وهو والد أحد مرضى الأورام، أن نفي الحكومة مسؤوليتها عن وجود أدوية مغشوشة غير كافٍ، إذ يجب أن تحسم موضوع عدم استيرادها، ويقول لـ”العربي الجديد”: “سأبقى محاصراً بالخوف على صحة ابني الذي يجب أن يحصل على أدوية حديثة من الصيدليات، علماً أنني لا أستطيع الاستمرار في شراء الأدوية من الدول المجاورة كما أفعل الآن”.

 

ويطالب الطبيب رجب السهولي بكشف النتائج التي توصلت إليها اللجان التي شكلتها حكومة مجلس النواب في بنغازي لدراسة أسباب ارتفاع مؤشرات الإصابة بالأورام في شكل فجائي في شرق ليبيا.

وكانت وزارة الصحة في حكومة مجلس النواب في بنغازي أعلنت في يوليو الماضي، تشكيل سبع لجان لدراسة أسباب توسّع انتشار أنواع من الأورام بشكل مفاجئ، في مناطق عدة شرق ليبيا، ورصدها تمهيداً للشروع في متابعتها، لكن السهولي يقول إن “الوزارة لم تعلن أي نتائج، ولم تحدد الخطوات اللازمة لتقليل مخاطر تفشي أمراض الأورام”.

ويؤكد ضرورة تشكيل هيئة عليا مشتركة تضم مسؤولين وخبراء من الحكومتين لمواجهة الخطر الداهم لأمراض الأورام، ودراسة أسبابها وأنواعها، وتحديد أدويتها ومراقبتها بفعّالية، كون “الوضع الحالي يمكن وصفه بأنه متاجرة في مآسي الناس، والسماح لشركات بأن ترسل أدويتها لتجريبها على مرضانا”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى