الناس- محمد اللديد-
أنشئ المعهد القومي لعلاج الأورام مصراتة في العام 2004، بعد أنّ كان مركزاً صحياً يقدم خدمات الرعاية الصحية الأولية لسكان منطقة قرية نسور الجو بالفرع البلدي الغيران، وقد تم تحويره وتطويره ليتم توطينه على أنه مرفق صحي متخصص في علاج الأورام، ولاقي صعوبات جمة منذ تاريخ إنشائه وحتى اليوم.
يضم المعهد أقساماً تشخيصية وعلاجية كما يحتوي على عيادات خارجية توفر خدمات الرعاية الصحية والطبية لمرضى الأورام من أمراض الدم والباطنة والأسنان والعظام والتغذية العلاجية، إضافة إلى عيادة القلب وعيادة الجلدية وعيادة العيون وغيرها من العيادات التخصصية الأخرى، حيث تستقبل العيادات الخارجية 1 و2 يومياً في كل عيادة من عياداتها نحو 45 مريضاً ومريضة من مختلف المدن والمناطق الليبية.
صحيفة النّاس استطلعت أحوال المركز وأجرت لقاءات مع عدد من المسؤولين داخله،
بن سعود: نسعى لافتتاح قسم الطب النووي داخل المركز
نائب مدير إدارة الشؤون الطبية بالمعهد ورئيس قسم الأشعة العلاجية الدكتور محمد بن سعود قال لصحيفة النّاس إنّ المعهد في البداية كان عبارة عن عيادات خارجية لليوم الواحد تقدم خدماتها، ومن بعدها تطور ليصبح معهداً خاصاً لعلاج مرضى الأورام يقدم خدماته التشخيصية والعلاجية، والمعهد يوفر كافة العيادات التخصصية التي يحتاج إليها مريض الأورام لتقديم كل الخدمات التشخصية والطبية له، ونحن نعمل أن تلبي هذه العيادات احتياجاته.
المعهد يضم أقسام الأنسجة والمناظير والأشعة العلاجية كما أن لدينا رؤية في تحديث وتطوير بعض الأقسام العلاجية به، وقد استقبل المعهد خلال العام 2024 في العيادات الخارجية نحو 58607 حالة علاجية وتشخيصية، أما العمليات التي أجريت خلال العام الماضي فبلغت 2480 عملية جراحية مختلفة التخصصات، وتم إيواء عدد 20654 نزيلا ونزيلة لذات الفترة، أما قسم العلاج الكيميائي فقدم جرعاته لنحو 17120 حالة، في حين قسم العلاج الاشعاعي قدم خدماته لنحو 19678 حالة.
بالنسبة لقسم الأشعة العلاجية فقد افتتح العام 2016 كمرحلة أولى، كانت بجهاز معجل خطي واحد، ومن بعدها تم افتتاح المرحلة الثانية من القسم بجهازين معجل خطي متطورة، والقسم يشتغل بتقنيات حديثة، وهو رافد أساسي للعلاج الإشعاعي في ليبيا، وسوف نفتتح قريباً قسم الطب النووي للتشخيص والعلاج.
أبو سنوقة: العام 2024 تصدر قائمة الأعداد المسجلة لدى المعهد القومي لعلاج الأورام عن السنوات السابقة
الدكتورة منى أبو سنوقة– رئيس وحدة السجل السرطاني بالمنطقة الوسطى قالت بأن قسم السجلات والمعلومات الطبية هو أحد الأقسام العلمية التابعة للمركز، ويتكون هذا القسم من مجموعة وحدات تابعة له ومنها وحدة السجل السرطاني والتي تختص بحفظ وارشفة جميع بيانات السرطان المسجلة بالمعهد وإصدار الاحصائيات الدورية.
وبخصوص الإجابة على سؤالك بأن هل لدينا دراسة عن انتشار نوع معين من الأورام داخل مصراتة وليبيا؟ فأقول إنه يتوفر بوحدة السجل السرطاني وبشكل إلكتروني بيانات 17800 حالة سرطان مسجلة منذ سنة 2004 وحتى تاريخ اليوم، وتحليل هذه البيانات يوضح أن قرابة 22% من هذه الحالات (أي ربع عدد الحالات المسجلة) هي حالات إصابة بسرطان الثدي. وثاني أنواع السرطان المسجلة بالمعهد هو سرطانات القولون والمستقيم، وفي المرتبة الثالثة سرطان الرئة وتتدرج باقي الأنواع حسب اعداد المرضى المسجلين. هذه الأنواع تمثل جميع المرضى المسجلين بالمركز، وهم من كل التراب الليبي حيث تقدم الخدمة وعلى حد سواء لأي مريض ليبي يتواجد داخل المركز، ولكن يتمتع بالجزء الأكبر من الخدمة مرضى مدينة مصراتة وذلك بسبب تواجد المعهد داخل حدود هذه المدينة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه قد تم إصدار أول تقرير دقيق وشامل عن معدل انتشار السرطان بليبيا في بداية سنة 2024، وتحت إشراف السجل الوطني للسرطان، وتحت مظلة البرنامج الوطني لمكافحة السرطان سابقا، وقد تم اعتماده من الوكالة الدولية لبحوث السرطان، وهي الجهة العالمية المسؤولة عن دعم وتقييم واعتماد هذا النوع من البرامج الطبية حول العالم.
ولأن هذا النوع من التقارير يتميز بالجودة العالية فهو حجر الأساس لأي خطة استراتيجية وطنية لمكافحة السرطان في أي دولة.
وقد أوضحت نتائج هذا التقرير أنه خلال العام 2020 قد تم تسجيل عدد 6677 حالة سرطان جديدة في ليبيا، ومن مصادر بيانات متعددة تشمل المراكز الخاصة والعامة وشهادات الوفاة وحتى التسجيل للمرضى الذين يعالجون خارج الوطن.
وكان أكثر أنواع السرطان انتشارا هو سرطان الثدي وبنسبة 23.2%، يليه سرطان القولون والمستقيم بنسبة 16.3%، وفي ثالث مرتبة سرطان الرئة بنسبة 6.5%، ثم الأورام الليفية في المرتبة الرابعة بنسبة 5.4%، ثم أورام البروستاتا بنسبة 4.9%.
وأشارت أبو سنوقة إلى أن أعداد المرضى المسجلين داخل الممعهد القومي لعلاج الأورام مصراتة تشير إلى أن هناك زيادة سنوية بسيطة ملحوظة في هذه الأعداد، وقد تصدرت سنة 2024 القائمة من حيث الأعداد المسجلة، حتى بلغ العدد الكلي للحالات المسجلة خلال العام الماضي 2281 حالة، وهنا تجدر الإشارة إلى أن زيادة أعداد المرضى المسجلين لا تعكس الزيادة الفعلية في معدلات الإصابة بالسرطان داخل ليبيا، وذلك لأنه لا يتم الاعتماد على سجلات المستشفيات في القراءات الوبائية للسرطان، وإنما على بيانات وتقارير السجلات المبنية على السكان، وهي الأكثر جودة، وقد تمت الإشارة إلى التقرير الأول فيما سبق، وهنا سأضيف بأن وجه الاختلاف في أن سجلات السرطان المبنية على الجمهرة يمكن حساب معدلات الإصابة منها، وذلك بالاعتماد على الأرقام المسجلة، وعلى الرقعة الجغرافية المعنية، وهذا ما حدث في التقرير السابق الإشارة له.
ومعلومة أخرى مهمة أن زيادة الإصابة بالسرطان تتبع نمط زيادة عالمي ومحلي، وترتبط بمجموعة عوامل اختطار تنتمي لنمط الحياة غير الصحية، بمعنى آخر أن الزيادة ليست محلية فقط وإنما إقليمية وعالمية بسبب تغيير نمط الحياة إلى النمط المدني، وهذه الزيادات تشمل أمراض القلب والشرايين وأمراض الكلى ومرض السكري أيضا، وكلها تقع تحت اسم الأمراض غير السارية أو الأمراض المزمنة.
وأضافت أبوسنوقة في حديثها لصحيفة النّاس حول الدارسات والبحوث بالمعهد، ومدى الاستفادة منها، فقالت إنه يوجد العديد من البحوث المنشورة كورقات علمية في مجلات محلية وعالمية، ومنها ما تم المشاركة به في مؤتمرات محلية وعالمية أيضا، ومنها ما هو تحت الإعداد للنشر. وقد تمت الاستفادة منها حيث أنه تم التأكد من أن سرطان الثدي هو أكثر أنواع السرطانات انتشارا، ويمثل قرابة ربع عدد الحالات المسجلة داخل ليبيا، وقد تم البدء في برنامج الكشف المبكر عن سرطان الثدي، والذي أخذ عدة أشكال، منها التوعية المستمرة داخل وخارج المدينة، واستحداث عيادة أمراض الثدي داخل المعهد والتي تقدم خدمة الكشف المجاني لأي سيدة.
وكان لنا أول خطوة علمية في مجال الكشف المبكر عن سرطان الثدي، تحصل المعهد على منحة بحثية عالمية من اتحاد مكافحة السرطان الدولي في سنة 2022، والتي تمت داخل مدينة مصراتة، وتم بها إعداد مدربات في مجال الكشف المبكر عن سرطان الثدي داخل المرافق الصحية الأولية في المدينة، وحاليا نحن بصدد الخطوة الثانية والتي سيتم فيها تفعيل عيادات كشف مبكر عن الثدي داخل ست مرافق صحية بالمدينة، وبالشراكة مع العديد من الجهات التابعة للدولة، وتحت إشراف المركز بالكامل، وسيتم الإعلان عنها خلال الأشهر القادمة.
وحول تعاون المركز في التنسيق مع المعاهد والمراكز الأخرى في ليبيا لاستقبال الدراسات والبحوث المتعلقة بالأورام، ذكرت أبوسنّوقة أنه يتم التنسيق بشكل متكرر مع مراعاتنا في كل مرة على أن يكون التعامل بشكل رسمي مع أي جهة وطنية ترغب في حصول الباحثين التابعين لها على بيانات المرضى المسجلين بالمعهد، وذلك لضمان الحفاظ على سرية البيانات الشخصية للمرضى، والتي تشمل الرقم الوطني والاسم الرباعي ومكان الإقامة وغيرها، وأيضا من باب احترام الجانب الأخلاقي للمريض. وهنا نشير إلى أنه يتم التعامل بشكل يومي مع طلبة من مختلف المؤسسات التعليمية الليبية، مثل الجامعات والمعاهد ومن مختلف المراحل الدراسية، مثل طلبة البكالوريوس والدكتوراه والماجستير، وحتى طلبة مجلس التخصصات الطبية ومن كل مدن ليبيا.
واختتمنا لقاءنا مع رئيس قسم علم الأمراض بالمعهد القومي لعلاج الأورام دكتورة فاطمة معيتيق التي قالت: يعتبر القسم من الأقسام الهامة جداً في المركز وهو يُعنى بتشخيص العينات الجراحية وهي تتدرج من صغيرة إلى استئصال كامل للعضو، بناءً على نتيجة وتقرير علم الأمراض يعتمد عليها الجراح والطبيب المتخصص في علاج الورم، والقسم بناء على نتيجة تحليل العينة يحدد استراتيجية العلاج سواء جراحي أو إشعاعي أو كيميائي.
حالياً القسم يعمل على تجهيز عديد من الأبحاث والدراسات حول مسببات سرطان الثدي والقولون.