الأناضول-
انتهت المعركة الدبلوماسية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الإفريقي على اختيار منصب المبعوث الأممي إلى ليبيا بتقسيمه إلى منصبين، بعد 10 أشهر من إخفاق مجلس الأمن في تعيين خليفة لغسان سلامة المستقيل من هذا المنصب.
ففي 15 ديسمبر الجاري، وافق الأعضاء الـ15 لمجلس الأمن على تعيين البلغاري نيكولاي ملادينوف، مبعوثا خاصا للأمين العام الأممي إلى ليبيا، والزيمبابوي رايسدون زيننجان منسقا للبعثة.
** واشنطن اعترضت على مرشحين إفريقيين
حيث اعترضت واشنطن على عدة أسماء اقترحها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لتولي رئاسة البعثة الأممية إلى ليبيا، منذ استقالة اللبناني غسان سلامة، من رئاسة البعثة في 2 مارس الماضي.
وبين هذه الأسماء وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان لعمامرة، والذي تولى أيضا رئاسة مجلس الأمن والسلم في الاتحاد الإفريقي، وهانا سيروا تيتيه، وزير الخارجية الغانية السابقة.
إذ كان هناك صراع محموم بين الاتحاد الإفريقي من جهة، والولايات المتحدة الأمريكية من جهة ثانية على الشخصية التي يجب أن تتولى رئاسة البعثة الأممية إلى ليبيا.
ومارس الاتحاد الإفريقي ضغوطا شديدة على غوتيريش، من أجل تعيين مبعوث أممي من القارة الإفريقية، خاصة وأن ليبيا جزء من هذه القارة، بل إن الإعلان عن تأسيس الاتحاد جرى في مدينة سرت الليبية في 2 مارس 2001،
لذلك فتغييب الدول الإفريقية عن رئاسة البعثة الأممية في ليبيا لم يتقبله الاتحاد، خاصة وأن من بين 6 مندوبين أمميين تداولوا على هذا المنصب منذ 2011، ليس بينهم أي مبعوث إفريقي.
** الاتحاد الإفريقي يتحفظ على مرشحة واشنطن
وحتى بعدما رشحت الولايات المتحدة رئيسة الوزراء الدنماركية السابقة هيلي ثورنينغ شميت، لرئاسة البعثة الأممية، لم يحظ هذا الترشيح بتأييد الاتحاد الإفريقي.
وعلق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، على هذا الوضع قائلا “يقلقنا عدم حل مسألة تعيين مبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا”.
ويضيف “الزملاء الأمريكيون يعرقلون هذا القرار لشهور طويلة، ويتجاهلون موقف الاتحاد الإفريقي، ويحاولون إملاء شروطهم، ويرفضون البحث عن حل وسط يناسب الجميع”.
** تقسيم المنصب
وأمام استمرار هذا الخلاف لأشهر، اقترحت واشنطن تقسيم المنصب إلى قسمين؛ مبعوث أممي، يساعده “منسّق” للبعثة الصغيرة التي لا يتجاوز عدد أفرادها 230 شخصا.
وتمكنت واشنطن من فرض اقتراحها هذا على بقية أعضاء مجلس الأمن رغم عدم اقتناعهم به، نظرا لأنها أكبر ممول للأمم المتحدة.
وتركزت تحفظات دول أوروبية وإفريقية على تقسيم منصب المبعوث الأممي إلى ليبيا، في أنه تم تجريب هذا الأمر في منطقتين ولم ينجح الأمر، في حين أن أفراد البعثة الأممية في ليبيا صغير، ويكفي أن يتولى المنصب مساعد أو نائب لرئيس البعثة بدل “منسق”.
** ترضية صغيرة
وعلى هذا الأساس تم اختيار ملادينوف، على رأس البعثة الأممية إلى ليبيا، رغم تحفظ الأفارقة عليه لنفس الأسباب، قبل أن يتم ترضيتهم بمنصب المنسق الخاص لعملية السلام، الذي رجع إلى الزيمبابوي زيننجان.
وجرى الاتفاق على ملادينوف، نظرا لخبرته و”حياده” خلال قيادته للبعثة الأممية في الشرق الأوسط منذ 2015، رغم صعوبة الملف، وخلفه في منصبه بنفس اليوم النروجي تور وينسلاند.
وسيقود ملادينفوف الوساطة الأممية في ليبيا من الخارج، والتركيز حصرا على “المفاوضات”، بينما يتولى زيننجان إدارة البعثة الأممية الصغيرة داخل البلاد.
وسيتولى بعد استلامه رسميا لمهامه من المبعوثة الأممية بالإنابة الأمريكية ستيفاني ويليامز، مواصلة مسار الحوار على الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية.
** وليامز حققت نتائج مهمة لكنها غير كافية
ولحد الآن نجحت وليامز في تحقيق اتفاق لوقف إطلاق النار، تم التوصل إليه في اجتماع لجنة 5+5 العسكرية بجنيف في 23 أكتوبر الماضي.
لكن لم يتم بعد فتح الطرق وإن تم استئناف الطيران الداخلي بين عدة مطارات في الشرق والغرب والجنوب.
ولم يتم بعد إخلاق خطوط التماس من المقاتلين بين مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) وقاعدة الجفرة الجوية (300 كلم جنوب سرت).
اقتصاديا تم فتح قطاع النفط، الذي أغلقته مليشيات الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، لعدة أشهر لمنع وصول إيراداته إلى الحكومة المعترف بها دوليا في العاصمة طرابلس.
واجتمع مجلس إدارة البنك المركزي بجناحيه في طرابلس ومدينة البيضاء (شرق)، لأول مرة منذ أشهر، تحت رعاية أممية، واتفقا على توحيد سعر صرف الدينار الليبي بين غرب البلاد وشرقها.
سياسيا، نجحت البعثة الأممية في اختيار 75 عضوا في ملتقى الحوار، الذي حدد 24 ديسمبر 2021، موعدا للانتخابات العامة القادمة، لكن لحد الآن لم تتمكن اللجنة من اختيار مجلس رئاسي جديد، ورئيس حكومة منفصل عنه، وهذه أهم عقبة ستواجه ملادينوف، عند توليه مهامه الجديدة.
وآخر ما تم تحقيقه، تشكيل اللجنة القانونية للملتقى، في 17 ديسمبر الجاري، التي ستوكل لها مهمة وضع الترتيبات اللازمة للانتخابات المقبلة.
ومع اختيار مبعوث أوروبي ومنسق إفريقي تكون الحرب الدبلوماسية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الإفريقي وضعت أوزارها بعد 10 أشهر من الخلاف، على أمل أن يساعد ذلك في إنهاء الأزمة الليبية التي دخلت عامها العاشر.