الرئيسيةالراي

رأي- عفوا ليبيا…

*كتب/ عاطف الأطرش،

فجأة… ومن دون سابق إنذار… يتغير الخطاب الليبي الشعبوي تجاه قطر من راعية الإرهاب وداعمة الإخوان إلى غزل بما أنجزته لاستضافة المونديال… وكأنه حدث طارئ ظهر عليهم فجأة دون علم مسبق!!

الكثير من الليبيين يلومون قطر وقيادتها ويتهمونها بأنها خربت بلادهم واستباحت ثرواتها، وذلك بدعمها لأحداث الثورة بالمال والسلاح والإعلام… ودعمها للحركات الإسلامية الليبية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين وغيرها… مستنكرين عليها تدخلها السافر في شأن الليبيين فيما بينهم!!

نسي الليبيون كيف تدخل قائدهم في كل قارات العالم بشكل مشابه لما اتهموا به قطر… وكيف أشعل العديد من المناطق والدول بالحروب والفتن بلا أدنى فائدة جناها الليبيون سوى تحويل بلادهم لأكبر سجن مفتوح لا يخرج منه سوى سعيد الحظ أو من حان موعد رحيله عن الدنيا وما فيها…

“جاك اللي عاللاميتا”… هذه الجملة التي يتندر بها الليبيون فيما بينهم لدى وقوعهم في ورطة… يجهلون قصتها… وهي صرخة يائسة صرخها أحد الجنود الليبيين لزميله العالق بمستنقعات أوغندا قبل أن يفتك به تمساح جائع… في إشارة للتمساح المرسوم في شعار لاكوست الشهير صانع شفرات الحلاقة… كم هو محزن هذا التندر مع تذكر تلك الواقعة… لكن من الذي أوصل ذلك الجندي البائس إلى أوغندا وما الذي جناه بذهابه؟ لا شيء سوى بناء مجد لشخص تمكن من سلب كل شيء فينا حتى هذه اللحظة… ويا له من مجد!!

ويستمر التدخل الليبي في كل شيء بالعالم في قائمة طويلة من المغامرات الدموية بحق البلدان التي ساقها حظها العاثر في أحلام القذافي… وتنوعت بين دعم حركات تمرد وحركات انفصالية وأعمال ارهابية واغتيالات وانقلابات مدفوعة الثمن بالمال والسلاح والدم الليبي يسدد كل هذه الفواتير!!

وهذه القائمة شملت كل من لبنان والأردن وفلسطين وسوريا والعراق وإيران ومصر وتونس والسعودية والكويت والجزائر وموريتانيا والمغرب وغيرها من عشرات البلدان الشقيقة والصديقة… إلا أن سداد هذه الفواتير جاءت بأشكال عجيبة… فحين دعم القذافي حركة ظفار الانفصالية ضد عمان بالمال والسلاح… لم يخطر بباله أن القدر سيسخر منه ويستضيف أسرته الهاربة في “مربط الحمير” كما كان يسميها في خطاباته…

جريمته الفادحة في حق اللبنانيين بتصفية موسى الصدر… يدفع ثمنها أحد أبنائه القابع بسجونها… وسيدفع لاحقا الليبيون الفاتورة بأي شكل من الأشكال!!

الانقلاب الفاشل الذي دعمه في المغرب ضد ملكها… وسمي تاريخياً بانقلاب الصخيرات… ترى بماذا تذكركم اسم هذه البلدة في حياتكم السياسية البائسة؟!

هذه مجرد أمثلة فقط لما ينتظرنا من فواتير كثيرة مؤجلة وواجبة السداد… ونحن لسنا بأقوى من ألمانيا التي لازلت تدفع ثمن خطيئتها مع اليهود… ولا بأفضل حال من العراق الذي لازال يترنح من فاتورة حرب إيران وغزو الكويت…

ولكن إلى متى؟ قد يتساءل مواطن ليبي… استفاق من سكرة الهيبة والسيادة وباقي الوهم الذي عاشه طيلة العقود الماضية… لكن ليس هكذا يفترض أن يكون السؤال… بل كيف نتخلص من هذه التركة التي تم توريطنا بها؟! نعم كيف؟!

ببساطة… إما أن تقود البلاد نخب سياسية وطنية تسعى لتقليل التكلفة الباهظة لهذه الفواتير وإنقاذ ما يمكن إنقاذه… أو أن يستمر من يقودها الآن… ونستمر نحن بالمشاهدة صابرين… ومنتظرين للأسوأ… صحيح أن الحياة تمنحنا دروساً مجانية… لكن ثقوا وتأكدوا… أن هذه الدروس سندفع ثمنها شئنا أم أبينا…

في الختام استمتعوا بمشاهدة المونديال في الدوحة… وبالأصالة عن نفسي أقول: شكراً قطر… ولا أتوقع أن ترد عليّ بعبارة: عفواً يا ليبيا!!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى