*كتب/ د. إبراهيم عمر الحداد،
بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد الذي يصادف يوم غدا التاسع من شهر ديسمبر ونظرا لأن يوم غد يوم الجمعة المباركة وتفاديا للحديث عن عملية الفساد المنكرة في هذا اليوم احتراما ليوم الجمعة المبارك العظيم وسبقا لذلك بيوم نغتنم هذه الفرصة لنتحدث عن الفساد في ليبيا من حيث مفهومه وأسبابه وتداعياته، لذلك نقول:
إن ظاهرة الفساد سيئة و مدمرة وهو سلوك ومنهج منحرف وغير أخلاقي كما أن ثقافة الصمت عن الفساد أسوأ والتستر عن المفسدين الأنكى والأخطر، فانتشار الفساد في بلادنا جاء من خلال تغلغل العناصر الهدامة والفاسدة في جميع مفاصل الدولة وخاصة المراكز القيادية منها الذين زرعوا الفساد ونشروا عملية الرشوة وشراء الذمم، ومهدوا الطريق أمام ضعاف النفوس ليفسدوا ويتلاعبوا ويعبثوا جميعا في كل معاملات وعمليات الجهات، والمؤسسات والأجهزة والشركات العامة، وبمصير ليبيا ومقدراتها ومكانتها والذي بات واضحا وجليا أمام الجميع، حيث من يفسدون حياتنا هم اليوم يعيشون بيننا ويعملون معنا وبرفقتنا، يمارسون سلوكياتهم وتصرفاتهم بكل حرية، هم رموز فاسدة يعرفهم الجميع وفي نفس الوقت للأسف يهابهم الجميع، يتلقون الحماية والمساندة من أصحاب المصالح والنفوذ الشخصية، وأصحاب النفوس المريضة أفرادا وجماعات وكيانات، لقد اختلط الحابل بالنابل، وسوف يستمر الفساد في ليبيا وبوثيرة أعنف مادام منظومة الفساد ورعاة المفسدين وعصابة الشر هم من يسطرون على مقاليد الأمور بمفاصل الدولة الليبية، من خلال بسط سلطانهم لتحقيق مصالحهم ونفع من يتبعهم ومن لهم علاقة به، وسعيهم المستمر وبكل الوسائل على إبعاد و إقصاء كل من لا يسير في ركبهم ولا يتماشى مع منهجهم المنحرف .
إن استشراء الفساد في المجتمع سيفضي الى خلخلة القيم الأخلاقية وإلى الإحباط وانتشار اللامبالاة والسلبية بين أفراد المجتمع، كما يؤدي الفساد إلى عدم المهنية وفقدان قيمة العمل، والتقبل النفسي لفكرة التفريط في معايير أداء الواجب الوظيفي والرقابي وتراجع الاهتمام بالصالح والحق العام، وما تشهده ليبيا اليوم من فساد مالي وإداري واقتصادي ومصرفي غير مسبوق على الإطلاق، والذي ترتب عليه حدوت الأزمات المالية والإدارية والاقتصادية والمصرفية، وما يعانيه المواطن الليبي اليوم من مشاكل وصعاب حياتية ومعيشية إلا خير دليل على ذلك .
علما بأن ليبيا حاليا مصنفة وتتصدر دول العالم في الفساد، وهذا الأمر سوف يترتب عليه تأثيرات وتداعيات خطيرة على كافة الصعد والمجالات محليا وعلى علاقات واتفاقيات ليبيا مع المنظمات والمؤسسات الدولية ودول العالم وهذا ينذر بانهيار الدولة الليبية ومؤسساتها، ولا يستبعد إذا استمر وضع الفساد بهذا الشكل سوف تكون ليبيا دولة فاشله ومنهارة بكل المقاييس .
لذلك فإن مكافحة الفساد أصبحت واجبا وطنيا وأخلاقيا وإنسانيا، كما إن استبعاد ومحاسبة المفسدين واجب مهني وقانوني وعدلي، فالحرص والاهتمام بهذه المعايير التزام ومسؤولية تقع على عاتق الجميع .
نسأل الله تعالى أن يفشل منهج الفساد ويبعده عن بلادنا، ويطهر مؤسساتنا وكل جهاتنا العامة من شبكة المفسدين وأن يصلح حال مجتمعنا.