اخبارالرئيسيةعيون

ترتيبات مصرية لجمع صالح والمشري في القاهرة

العربي الجديد-

تسعى مصر إلى تأكيد دورها في الساحة الليبية، وهو ما ترجم بحسب ما علمت “العربي الجديد”، بعودة مساعيها لجمع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري مجدداً في القاهرة لتسوية الخلافات بين المجلسين، بشأن بنود القاعدة الدستورية، التي من المقرر أن تجرى بموجبها الاستحقاقات الانتخابية، والتي تمثل مطلباً دولياً، رغم تباينات واضحة بين أطراف محلية ليبية، وإقليمية، ودولية.

ووصل صالح إلى القاهرة، بالتزامن مع وصول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي اختتم الاثنين الماضي زيارة للقاهرة استمرت يومين، التقى خلالها بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ووزير الخارجية سامح شكري، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل، وشغل الملف الليبي حيزاً منها. كما سبقت زيارة بلينكن أخرى لمدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز، حملت بدورها رسائل أميركية للقاهرة بشأن دورها في ليبيا.

ووفقاً لمصدر مقرب من صالح، تحدث لـ”العربي الجديد”، فإن رئيس مجلس النواب التقى عباس كامل في القاهرة، في إطار الترتيبات التي تجريها مصر لاستئناف مسار مفاوضات القاعدة الدستورية، ووضع خريطة طريق تنهي الأزمة في الدولة الجارة.

مأزق إقناع المشري باللقاء مع صالح

وبحسب المصدر الليبي، فإن القاهرة تواجه هذه المرة مأزقاً في إقناع المشري باللقاء مجدداً مع صالح برعايتها، بعد أن تراجع الأخير عن التفاهمات التي جرت في العاصمة المصرية، في 5 يناير الماضي.

وكان صالح والمشري، أعلنا من القاهرة وقتها، اتفاقهما على وثيقة دستورية للانتخابات، وطلبا من لجنة المسار الدستوري إحالة الوثيقة على المجلسين من أجل التشاور والموافقة حول موادها، في ظل ترجيحات لإمكانية حسم شرطَي الترشح الخلافيين، وهما أحقية العسكريين ومزدوجي الجنسية، عبر استفتاء عام.

إلا أنه سرعان ما عادت الخلافات بين الرجلين، بعد أن وصف صالح، خلال كلمة له في اجتماع لمجلس النواب في 17 الشهر الماضي، اتفاقه مع المشري، المعلن في القاهرة، بـ”اللفظي فقط”، معتبراً أن مجلس النواب جسم “استشاري” ولا يحق له “إصدار وثيقة دستورية”، وأن البرلمان “هو الجسم التشريعي الوحيد في ليبيا”. وهو ما ردّ عليه المشري، بتغريدة، مفادها أنّ “من أراد التوافق فيده ممدودة، ومن أراد خلافه فلن يحصد إلّا سوء نياته”.

وكانت القاهرة قد قطعت شوطاً كبيراً تجاه رئيس المجلس الأعلى للدولة الذي يعد أحد المكونات الرئيسية في غرب ليبيا، في ظل تصاعد الخلاف بينه وبين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، فيما حاولت أنقرة، عبر الزيارة التي قام بها رئيس المخابرات هاكان فيدان إلى طرابلس أخيراً، احتواء خلافات الرجلين، إذ تمكن من جمع الدبيبة والمشري.

ضغوط على صالح والمشري

وكشفت مصادر ليبية مقربة من مجلسي النواب والدولة استمرار الاتصالات بين صالح والمشري، في إطار الإعداد للقاء قريب بينهما، على خلفية ضغوط كبيرة عليهما من قبل عواصم كبرى تدفع بهما لحسم الإطار الدستوري للانتخابات قبل نهاية مارس المقبل.

وفيما توافقت معلومات المصادر حول إمكانية عقد لقاء بين صالح والمشري خلال الأسبوع الأول من فبراير الحالي، كشف أحد المصادر، وهو مقرب من رئاسة مجلس الدولة، عن اشتراط المشري التوقيع بـ”الأحرف الأولى” على أي اتفاق بشأن الإطار الدستوري للانتخابات قد ينجم عن اللقاء المرتقب، بالإضافة لاشتراطه وجود ضمانات من أطراف اقليمية والبعثة الأممية لتنفيذ الاتفاق.

وأوضح المصدر أن شرط المشري جاء على خلفية انزعاجه من تراجع صالح عن الاتفاق المعلن في القاهرة، بشأن التوافق حول وثيقة دستورية للانتخابات، كاشفاً عن تقديم المشري وصالح تنازلات.

وأوضح المصدر أنه فيما قبل صالح بشرط المشري اعتبار شاغلي المناصب العسكرية من شاغلي المناصب والوظائف العليا في الدولة الذين تمنعهم شروط القاعدة الدستورية من الترشح للانتخابات، فقد قبل المشري بشرط صالح حول ضرورة حسم ملف شاغلي المناصب السيادية قبل حسم ملف القاعدة الدستورية.

وبشأن ما كشف عنه صالح، خلال تصريحات لتلفزيون “المسار” في 22 الشهر الحالي، حول تقديمه مقترحاً للبعثة الأممية بشأن آلية اختيار حكومة موحدة في البلاد لقيادتها في مرحلة الانتخابات، أوضح المصدر المقرب من مجلس الدولة أن المقترح قريب من مقترح قدمه المشري أيضاً للبعثة الأممية، ويتلخص في تشكيل لجنة ليبية، على غرار لجنة ملتقى الحوار السياسي، مؤلفة من 21 عضواً، بواقع 14 يمثلون المجلسين، و7 آخرين من السياسيين المستقلين.

إلا أن المصدر أوضح أن البعثة اشترطت عملها على مقترح تشكيل لجنة حوار جديدة بعد اتفاق المجلسين على الأساس الدستوري للانتخابات، مشيراً إلى أن اقتراح صالح والمشري تشكيل لجنة حوار جديدة هدفه الالتفاف على عمل اللجنة. وأوضح أن مقترح تشكيل اللجنة تم الحديث عنه ضمن الاتصالات التي تجريها عواصم بقادة المجلسين كآلية بديلة تتجاوز المجلسين إذا فشلا مجدداً في التوافق على الأساس الدستوري للانتخابات.

خلاف داخل مجلس الدولة

وفي ترجمة واضحة لما كشفت عنه المصادر، أعلن المجلس الأعلى للدولة، في بيان على موقعه على الإنترنت، أنه عقد جلسة برئاسة المشري، في طرابلس الثلاثاء (31 يناير 2023م)، مضيفاً أنه تم خلالها “المصادقة على الآلية المقترحة” بشأن اختيار بعض شاغلي المناصب السيادية”.

يأتي ذلك على الرغم من الخلاف الكبير بين أعضاء المجلس بشأن أولوية مناقشة ملفي القاعدة الدستورية والمناصب السيادية. وأكد عضو المجلس الأعلى للدولة بلقاسم دبرز، لـ”العربي الجديد”، أن نحو 50 من أعضاء المجلس الـ145 وقعوا على رسالة مشتركة موجهة لرئاسة المجلس يرفضون فيها مناقشة ملف المناصب السيادية قبل البت في القاعدة الدستورية.

وكان صالح اتهم مجلس الدولة بالمماطلة في حسم ملف المناصب السيادية، وهدد بعدم انتظاره، ممهلاً إياه 15 يوماً لحسم ملف المناصب السيادية أو ذهاب مجلس النواب لتحديد القاعدة الدستورية، دون أن يوضح أسباب العلاقة بين الملفين.

أكثر الملفات تعقيداً

من جهته، علق دبلوماسي مصري، عمل سابقاً في الملف الليبي، على التحركات المصرية، بأنها باتت أشبه بسباق مع الوقت، تحاول من خلاله الدوائر المصرية، اللحاق بتأكيد دور فاعل في الأزمة الليبية، قبل أن يتبلور موقف دولي أكثر حسماً، تصبح معه الاختيارات والبدائل محدودة. وقال إن الملف من أكثر الملفات تعقيداً بالنسبة للإدارة المصرية، بسبب تشابكات وتحديات دولية متعددة.

وبحسب معلومات، تحصلت عليها “العربي الجديد”، تسعى القاهرة في الوقت الراهن لتعديل موقفها في أعقاب تحذيرات أميركية تلقتها بشأن دعمها لحفتر، ومعسكر الشرق الليبي، في تبني خطط من شأنها إقامة حكم ذاتي لإقليم شرق ليبيا، الذي تتركز فيه الغالبية العظمى من الحقول النفطية الليبية.

وتشير المعلومات إلى أن أكبر مأزق تواجهه القاهرة هو موقفها المعلن من حكومة الدبيبة، التي أعلنت القاهرة سحب اعترافها بها، مؤكدة أنها باتت منتهية الصلاحية، بعد انتهاء صلاحية الاتفاق الذي تسلمت السلطة التنفيذية بموجبه.

تمسك واشنطن بحكومة الدبيبة

وتتمسك واشنطن ببقاء حكومة الدبيبة من أجل الترتيب لإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن، رافضة التصورات الخاصة بتشكيل حكومة جديدة، معتبرة أن من شأن تلك الخطوة إطالة أمد المرحلة الانتقالية في ليبيا، وهو ما يفيد أطرافاً مناوئة للموقف الأميركي.

ولم يكن تمسك واشنطن بحكومة الوحدة وحده ما أضعف موقف القاهرة، ولكن أيضاً قوى إقليمية أخرى تعتبر لاعباً رئيسياً في الملف الليبي، على رأسها روما التي وقعت أخيراً اتفاقية نفطية بقيمة 8 مليارات دولار مع حكومة الدبيبة، خلال زيارة قامت بها رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني لطرابلس في 28 يناير الماضي، بالإضافة إلى تركيا التي تعد الداعم الرئيسي للحكومة الليبية المعترف بها دولياً.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى