اخبارالرئيسيةعيون

إزالة العشوائيات تُبرز أزمة السكن في ليبيا

العربي الجديد-

تستعدّ السلطات في العاصمة الليبية طرابلس لإطلاق حملة واسعة لإزالة العشوائيات، بعدما كانت قد بدأت بإزالة المحال والمراكز التجارية بهدف البدء في تنفيذ طريق رئيسي وسط العاصمة، وسط خوف يعيشه سكان هذه العشوائيات على مصيرهم.
ويمتد الطريق الرئيسي الجديد لمسافة 24 كيلومتراً بدءاً من غوط الشعال وأبو سليم وحتى سوق الجمعة، مروراً بعدد من الأحياء التي تحولت إلى عشوائيات. وعلى الرغم من إقرار سكانها بأنها بنيت بشكل غير قانوني ومن دون ترخيص، إلا أن غالبيتهم انتقدوا طريقة بدء عمليات الهدم من دون إنذارهم قبل وقت كافٍ يتيح لهم إيجاد بدائل.
وقررت السلطات تعويض السكان ببدائل مالية. إلا أن هاني معزب، أحد سكان حي طريق الشوك، يؤكد أنّ البدائل المالية ليست كافية لبناء مسكن بديل، موضحاً أن “التعويض المالي لن يمكنني من شراء أرض وبناء بيت فوقها. وحتى لو استطعت ذلك، فهذا يعني أنني سأعيش في العراء أو منزل ببدل إيجار مرتفع إلى حين تجهيز السكن الجديد”. ويشير إلى أنه يسكن في هذا الحي منذ سنوات طويلة، وانتقاله يعني هجرة البيئة التي عاش فيها وأسرته لوقت طويل.
وخلال الأعوام الماضية، شهدت مدينتا بنغازي والبيضاء (شرق البلاد) عمليات هدم أوسع، وقامت جرّافات جهاز مكافحة الظواهر السلبية التابعة لمليشيات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر بعمليات إزالة وهدم واسعة لمحال تجارية ومبانٍ سكنية، ما أدى إلى مفاقمة أزمة السكن في البلاد. ولم يحصل أصحابها على أية تعويضات مالية، كما يؤكد م. العروسي، الذي أزيلت واجهة منزله.

ويوضح في حديثه لـ “العربي الجديد” أنه اضطرّ لبناء واجهة جديدة لبيته، ما أدى إلى تراجع مساحته، الأمر الذي أثر سلباً على أسرته المؤلفة من ثمانية أفراد.
بدوره، يقول فوزي الشاوش، القاطن في حي قرقارش بطرابلس، إن شركة الخدمات العامة طرابلس أقدمت على إزالة العشوائيات في هذا الحي لتوسعة الطريق فيه، لتدمّر واجهة منزله، ما اضطره الى بناء واجهة جديدة مع تضييق مساحة المنزل. ويوضح: “وضعي أفضل بكثير من وضع سكان آخرين أزيلت بيوتهم تماماً. وحتى الآن، لم يتم تعويضهم أو تدبير مساكن لهم، وهم يعيشون تشرداً”.

ويسأل معزب خلال حديثه لـ “العربي الجديد”: “من الأولى؟ المواطن الذي اضطر أن يسكن في عشوائيات مخالفة للقانون، أم الطرقات وتوسعتها؟”. يضيف: “يُعدّ الوضع مختلفاً نسبياً في طرابلس. أما في بنغازي، فلم تبن طوبة واحدة في المساحات التي هدمت وطرد السكان منها”.
في هذا السياق، يقول الأستاذ المحاضر في علم اجتماع السكان عثمان الطويل، إن البلاد مقبلة على انفجار وشيك من جراء أزمة السكن، مشيراً إلى أن برامج وخطط السلطات “غير مدروسة، وخصوصاً مبادرة صندوق دعم الزواج ومبادرة الإسكان الشبابي من دون تأمين مساكن”. يضيف في حديثه لـ “العربي الجديد”: “الحكومة أطلقت مبادرة الإسكان الشبابي التي تهدف إلى توفير الشقق السكنية ومنح أراضٍ للشباب والأسر المحتاجة ومنح قروض سكنية من دون أن يتحقق شيء، علماً أن مئات الشباب تزوجوا”.

يشار إلى أنه في سبتمبر الماضي، أكدت اللجنة العليا لمبادرة الإسكان الشبابي والأراضي السكنية، أن المرحلة الأولى من مشروع الإسكان ستشمل 18 ألف قرض، موضحة أن 21 ألف قطعة أرض استكملت إجراءاتها، على أن التوزيع سيبدأ بعد أن تستكمل اللجان الفرعية بالبلديات أعمال الفرز للمتقدمين وتحديد أولوية المستفيدين.

وعن أسباب أزمة السكن، يشير الطويل إلى ارتفاع نسبة السكان في مقابل تراجع مشاريع البناء، في وقت ما زال كثيرون يعيشون في مساكن قديمة متهالكة تحتاج إلى صيانة. يضاف إلى ما سبق عدم استقرار الأجهزة التنفيذية الحاكمة في البلاد، إذ تقضّ كل حكومة ما قررته سابقتها لتبدأ من جديد.
والأهم من ذلك، بحسب الطويل، هي الحروب المستمرة التي تؤدي إلى تدمير الكثير من المباني السكنية والمنازل وخصوصاً في الأطراف، التي غالباً ما يبنيها أهلها على نفقتهم الخاصة، من دون أن تقدم السلطات على تعويض ساكنيها. ويشير إلى أن بعضاً من سكان بنغازي وأحياء جنوب طرابلس فضلوا عدم العودة والبحث عن مساكن بديلة، بسبب تكرار الحروب في مناطقهم وعجزهم عن صيانة بيوتهم بعد تضررها أو تدميرها.
في هذا الإطار، يؤكد الطويل أن برامج الإعمار والتوسع القائمة حالياً لتوسيع الطرقات سيكون لها أثر سلبي على سكان البيوت المهددة بالإزالة، “وهي خطوة ستكون المرحلة الأخيرة من تفجر وشيك لأزمة السكن في البلاد”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى