اخبارالرئيسيةعيون

أطفال ليبيا مرضى السرطان في خطر

العربي الجديد-

شهدت ليبيا مؤخراً وفاة تسعة أطفال مصابين بأمراض السرطان من جراء الإهمال الرسمي. وفي الوقت الحالي، يُواجه العشرات مصيراً مجهولاً. وأعلنت وزارة الصحة وفاة تسعة أطفال في مستشفى طب وجراحة الأطفال ببنغازي (شمال شرق ليبيا)، متهمة مصرف ليبيا المركزي بتأخير صرف الأموال اللازمة لعلاج الأطفال في الخارج. وقالت في بيان إنها قررت نقلهم للعلاج في الخارج منذ شهرين، إلا أنها عجزت عن ذلك بسبب تأخر الإجراءات المصرفية وعدم الموافقة على فتح الاعتمادات المستندية الخاصة لنقل الأطفال إلى الأردن لعلاجهم.
ودعت الوزارة الجهات التشريعية والرقابية إلى “التدخل لإلزام المصرف المركزي بفتح الاعتمادات المستندية اللازمة وفي أسرع وقت ممكن”، لنقل بقية الأطفال المرضى إلى الخارج للعلاج. وعلى الرغم من الجدل القديم حول أزمة الأطفال المصابين بالسرطان، إلا أن عددهم ما زال مجهولاً، وسط معاناة كبيرة تواجهها المراكز الصحية المسؤولة عن علاج أمراض السرطان.
ويفيد نائب المدير العام لمستشفى الأطفال ببنغازي صلاح العمروني بأن مستشفى الأطفال في بنغازي يضم 61 مريضاً (أمراض السرطان وأمراض المناعة الذاتية)، مؤكداً أن بعض الحالات تحتاج إلى متابعة وعلاج كيميائي ليس متوفراً في البلاد. ويوضح أن “المستشفى ما زال يضم حالات حرجة تتطلب نقلها إلى مراكز أكثر تقدماً، تتوفر فيها إمكانيات أفضل من تلك المتوفرة داخل مستشفى الأطفال”، مشيراً إلى أن إدارة المستشفى كانت تنتظر إيصال أموال إلى المستشفى لعلاج الأطفال منذ منتصف سبتمبر الماضي، ونقل الحالات الحرجة للعلاج بالخارج، “وحتى الآن لم نعرف ما هي الأسباب، والتأخير ما زال قائماً وهو أمر غير مقبول”.
ويرجح مدير المعهد القومي لعلاج الأورام بمصراتة محمد الفقيه وجود 25 ألف مصاب بأمراض السرطان في ليبيا، من بينهم خمسة آلاف طفل. ويقول: “لا توجد قاعدة بيانات مشتركة لمرضى السرطان بين المراكز الصحية، يمكن الاستناد إليها في معرفة عدد المصابين بالأورام على وجه الدقة”. يضيف: “لدى كل جهة بياناتها وإحصائياتها”.

من جهته، يتّهم الناشط خميس الرابطي السلطات بسعيها لتسييس “هذا الملف الإنساني”، ويقول لـ”العربي الجديد”: “الجهة الحكومية التي أعلنت وفاة الأطفال التسعة هي طرف سياسي، وركزت في بيانها على عدم تأمين البنك المركزي الأموال اللازمة لعلاج هؤلاء الأطفال. وفي الحقيقة، هذه طريقة لإثارة الرأي العام ضد الحكومة المقابلة لها كونها هي التي تملك قرار البنك المركزي”. يضيف أن “الحكومتين تتحملان المسؤولية، بالإضافة إلى البنك المركزي الذي أدخل ملف الصحة إلى معترك السياسة”.
ويعاني القطاع الصحي في البلاد من الفساد، بحسب تقرير أصدره ديوان المحاسبة في سبتمبر الماضي. وطالب المسؤولين بفصل المشاكل السياسية عن تقديم الخدمات للمواطن، مشيراً إلى تنازع الحكومات في البلاد على ملف الصحة، من دون أن تتمكن من تقديم الخدمات للمواطنين. وأشار التقرير إلى أن 70 في المائة من الحالات التي تعالج في الخارج “سببها نقص الأدوية في ليبيا”. في هذا السياق، يتحدث الطبيب المتخصص في علاج سرطان العظام إبراهيم عثمان عن إهمال الحكومات ملف أورام الأطفال. ويقول لـ”العربي الجديد”: “يجب أن تبحث الحكومة عن مصدر لتمويل هذا الملف الإنساني ولو من خلال اللجوء إلى المنظمات الدولية المعنية”، مؤكداً أن عائلات الأطفال المرضى تعيش معاناة كبيرة. يضيف أن “المراكز الصحية الحكومية خالية تماماً من الأدوية الخاصة بعلاج الأورام، وحتى تلك المخصصة للأطفال، على الرغم من إبرام عقود مع جهاز الإمداد الطبي لاستيراد كميات منها، لكنها تذهب إلى القطاع الخاص وتباع بأبهض الأثمان للمريض”.

إلى ذلك، تقول رئيسة منظمة حقوق أطفال الأورام نجاة قدور: “المشكلة ليست في الأدوية. اعتاد أهالي المرضى شراء الأدوية من حسابهم الخاص وبدعم من أصحاب الخير في غالبية المستشفيات”، مضيفة: “المشكلة الرئيسية في علاج مرضى السرطان الأطفال هي عدم وجود أكياس الصفائح الدموية التي تنقل الدم، ما يجعل المريض ينزف حتى الموت”.
وتناشد قدور ضرورة “توفير أكياس الصفائح الدموية بشكل عاجل لأن الأمر طارئ. كل مريض يحتاج إلى نحو 4 أكياس يومياً، علماً أن سعر الكيس الواحد وصل إلى 160 ديناراً (نحو 32 دولاراً)، وهو غير موجود داخل العاصمة طرابلس”. تضيف أن “إحدى الشركات الخاصة الموردة للأكياس ألزمتهم بشراء كمية معينة من الأكياس بكلفة لا تتوفر عليها المستشفيات”. وتشير إلى “إطلاق حملة تبرعات في الشوارع والميادين في محاولة لتوفير جزء من المبلغ. واستمرت الحملة 10 أيام ولم تحصل إلا على مبلغ بسيط جداً يغطي بعض الاحتياجات البسيطة”، مؤكدة أن “بعض الأطفال يموتون يومياً بسبب نزيف الدم وعدم توفر أكياس نقل الدم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى